إذا قلت لشخص: ما هذا؟ فقال: لا أدري، فهذا جهل، لكن لو قلت لآخر عن كوب: ما هذا؟ فقال: هذا كتاب، فقد أخطأ، فهو لا يعرف الكتاب من الكوب، فالخطأ في العلم نوع من الجهل، وقد يكون أخطر من الجهل العادي الذي يعني انعدام العلم.
أقصد بذلك أن عندنا بعض الناس لا يخطر الموضوع لهم على بال، والبعض الآخر يتبنى مناهج تربوية خاطئة؛ لأنها مصادمة للمنهج الإسلامي الصحيح والسوي، فهذا أيضاً نوع من المرض والانحراف ينبغي أن يعالج، وأن تقتلع المفاهيم المنحرفة؛ لأنها لا تخرج عن حيز الجهل؛ لأنها مناهج خاطئة تصادم المنهج الصحيح.
نحن أقسام: إما أن بعضنا غافل تماماً عن شيء يسمى تربية، فيمارس نوعاً من اللامبالاة، والموضوع لا يخطر له على بال، وكل نظره يتجه إلى نمو الطفل: أنه الآن يحبو الآن بدأ يتكلم الآن كذا وكذا مضغة لحم تنمو وتكبر ويتلهى بها، ويغفل أنواعاً أخرى من النمو ينبغي أن يعتنى بها، وأن يعطى الطفل احتياجاته فيها.
فالوعي التربوي لدى أغلب الناس وعي منخفض جداً حتى عند المثقفين منهم، فالتربية لا تأخذ عندهم مأخذاً جاداً كعلم يكتسب، ومهارة تحتاج إلى تدريس، وإنما ينظر إليها أغلب الناس على أنها شيء تلقائي يدركه الفرد بإحساسه العفوي، فإن أراد الاجتهاد فإنه يضيف شيئاً من خبراته المكتسبة وراثياً عن طريق ما تعلمه من الآباء.
وغالبية الناس يجهلون كيف يتعاملون بالأسلوب السليم مع أولادهم في هذا العصر الذي صعبت فيه التربية جداً؛ لأنه عصر يكتظ بالمتناقضات، وتتزاحم فيه الأضداد، وأصبح الإنسان تتنازعه جوانب عدة واتجاهات مختلفة؛ فلا يجد الفتى أو الفتاة سوى التخبط والضياع عندما لا يكون هناك من هو كفؤ لقيادته إلى الطريق الصحيح في هذا الخضم المتلاطم من الأفكار والنزعات.