يقول: اذكروا لنا واحدة من الصحابيات -فقط- تنقّبت؟! سبحان الله! كل الصحابيات في الأصل أنهنّ منقبات، وهذا لا يحتاج إلى دليل كما سيأتي إن شاء الله، بل ذلك -في الحقيقة- فضيحة، وإنها لمأساة أن ينسب مثل هذا إلى العلم، وأن يجترئ هذه الجرأة على شرع الله تبارك وتعالى، وسوف نأتي بالمزيد.
ولو كان كلام الرجل صحيحاً -فرضاً- فمعنى ذلك أن الأمة كانت غارقة في الضلال لمدة أربعة عشر قرناً تنتظر ولادته السعيدة حتى يخرجها من الظلمات إلى النور! ولم يوجد عالم قال ببدعته وضلالته، ويا ليته كان أهلاً للاجتهاد وعنده كفاءة في الاجتهاد حتى يكون ما قاله قائماً على قول الظاهرية وبعض الحنفية أنه يجوز إحداث قول آخر زيادة على الخلافات المذكورة من قبل، وإن كان جمهور العلماء يمنعون إحداث أقوال أخرى.
ثالثاً: إذا رجعنا إلى تصريح العلماء الثقات وجدنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول: كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحرة تحتجب والأمة تتبرج.
ونقل الإمام ابن رسلان عن إمام الحرمين اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وما زال علماء الأمة عبر العصور يتناقلون هذه الكلمة عن إمام الحرمين بالتسليم والقبول.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات.
وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: إن العمل استمر على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال.
هذه الفقرة بترها تماماً، وأنا أسميه الهروب الكبير؛ لأن الرجل عرف تماماً أن هذه النصوص لو أثبتها لشكّ الناس في كلامه، لكنه قال: ثالثاً: نعم، فإذا رجعنا إلى تصريح العلماء الثقات وجدنا (ويأتي هنا برأي شيخ الإسلام ابن تيمية وإمام الحرمين والغزالي ويكرر رأي ابن حجر السابق) فأخفى كلام العلماء حتى لا يفتضح، فأقول: أولاً: هذا ليس رأياً، بل هذا نقل عن المسلمين في كافة العصور، فليس من الأمانة أنك تقول: رأي ابن تيمية.
فهو ليس رأي ابن تيمية، بل هو نقله، ونقل ابن حجر، ونقل الجويني، ونقل الغزالي، فليس من الأمانة أن تسميه رأياً لهؤلاء الأئمة.