للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعليم الجاهل وإظهار عز الإسلام]

إن الجاهل يتعلم ببركة الجماعات، كما يعلم ذلك قطعاً في دروس العلم، فهذه من المواضع التي يستحب لها الاجتماع، ومن بركاتها بل -أعظم بركاتها- تعليم الجاهل، وإظهار السنن، ومساعدة العاجز، وتليين القلوب، وإظهار عِزِّ الإسلام، حتى إذا كثر في المجتمع المنافقون والملاحدة والزنادقة واليهود والنصارى إذا وجد هؤلاء فلا شك في أن وجود المسلمين بهذا الشكل خاصة مع إظهار التكبير كما في صلاة العيد أو غير ذلك لا شك أن في هذا إظهاراً لعز الإسلام مهما حاول أعداء الدين طمس هذه المعالم وإخفات صوت الإسلام في هذا المجتمع.

وقد جاء الخطاب الإلهي مقراً هذا الوضع، فلم يتجه للفرد وحده في الأمر والنهي، لكن نلاحظ أن الأوامر تأتي للجماعة، لذلك نلاحظ قوله مثلاً: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣]، والكلام إذا احتمل التأكيد والتوكيد يترجح حمله على التأكيد، فقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)، ويحتمل أن يكون (ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) يساوي قوله: (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)، فيكون هذا التكرار للتأكيد.

ولكن يحتمل -أيضاً- احتمال آخر، وهو أن (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) مختلف تماماً عن قوله: (ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)، فهذا إقامة للصلاة في حد ذاتها، أما (ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) فهو إيجاد صلاتها في جماعة، كما قال تعالى في حق مريم عليها السلام: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:٤٣].