وهنا ننبه على أمر من الأمور المهمة جداً وهو: أن عدم الستر في حكاية الفواحش والحوادث يدخل في الوعيد الوارد في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}[النور:١٩]، فمحبة إشاعة الفاحشة ونشرها وحكايتها أمر خطير، فتجد كثيراً من الناس حتى من الملتزمين بدينهم وللأسف يقعون في هذا الأمر، فإذا سمع أي نوع من الحوادث سواء كان قتلاً، أو من الفواحش كالزنا وشرب الخمر أو أي نوع من الحوادث التي تجري، ليحكيها ويقول: حدث كذا وكذا، وفلان فعل كذا وكذا، فهذا يدخل في هذه الآية:(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ)، فالإنسان إذا سمع بشيء من هذه الأشياء فلا ينشره، ولا يحكيه أبداًَ، بل يصبر؛ حتى لا تتعود القلوب على سماع المنكرات، وبالتالي يموت استقباح هذه المنكرات، واستقباح تنفيذها.
فلا شك أن الصحف والمجلات التي تسخِّر صفحات طويلة وعريضة للكلام في هذه الأمور، وإشاعة الفاحشة بين الناس، أنها واقعة في الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى، فتراهم يحكون وينشرون هذه الفواحش: فلان فعل، وفلان فعل، وفلانة قتلت زوجها، وأشياء أخرى تؤذي مشاعر أي إنسان ولو كان غير مسلم، فلا شك أن هذا من إشاعة الفاحشة، فالمسلم لا يحكي هذه الحوادث أبداً، ومتى شعر أن مسلماً ارتكب ذنباً فإنه يستر عليه؛ فالله سبحانه وتعالى ستير يحب الستر.
وبعض الناس يظنون أن إشاعة هذه الأمور من إنكار المنكر، بل هذا من إشاعة الفاحشة، وهتك ستر المسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)، فهذا التنبيه من باب شيء يذكر بالشيء، وقد خرجنا عن موضوعنا الأصلي.