الأدلة على أن المستقبل للإسلام كثيرة جداً، وقد ذكرنا منها -من غير نصوص الوحي من الكتاب والسنة- أقوال المفكرين والمشاهير من الغربيين الذين يقرون بهذه الحقيقة مع أننا في أشد حالات الضعف والهوان، فالأمة الإسلامية لن تتخلى عن عقيدتها بالرغم من الذل الذي تتجرعه كل وقت، ومع ذلك هم يخافون من الأمة، فلماذا؟ لأنهم يعرفون مكامن القوة في هذه الأمة.
ومن الأدلة -أيضاً- أن الإسلام هو دين الفطرة، وهذا الدين حفظه الله عز وجل من التحريف، فهو منهج حياة شامل، يسهل كل مقومات الحياة، والبشرية الآن في حالة تعطش إلى الإسلام، ومن يرى أحوال الكفار أو يسمعها أو يقرأها سيحكم بأن هذه الأمم كلها انهارت، وليست الشيوعية فقط الذي انهارت، بل العالم الغربي الآن منغمس في حمئة الرذيلة، وأسباب الانهيار تعمل فيه بأقصاها {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ}[آل عمران:١٩٦].
وإذا أردنا أن نتكلم عن انهيار النظم البشرية فلن نضع أمريكا في مؤخرة القائمة، بل هي في أول هذه القائمة؛ لأنها مع قوتها المادية الهائلة منهارة انهياراً شديدة جداً، ومن الخيانة أن كثيراً من الكتاب والناس يعودون من تلك البلاد فيمدحونها مدحاً شديداً حتى يصوروا للناس أنها الفردوس المفقود، لكن من خبر الأمر على حقيقته وجد أننا متقدمون عنهم بمراحل عظيمة جداً مع ما نحن فيه من الانحراف عن الإسلام، ولنعلم أن إخواننا الذين يعيشون هناك ممن فيهم خير وفيهم ولاء لله ورسوله عليه الصلاة والسلام يعتبرون عودتهم إلى بلادهم الإسلامية -على ما فيها من فساد- أمنية عظيمة جداً، لكنهم دخلوا في أسر الدنيا، فقل من يضحي حتى يعود إلى بلاد المسلمين، فهم جميعاً في حاله شقاء وضنك وعذاب وحرمان من نعمة الحياة بين المسلمين.
فالمقصود أن الانهيار ليس فقط في الشيوعية، ولكن أمريكا -كذلك- في قمة من ينهار في الحقيقة، والبشرية الآن كلها تبحث عن منقذ، فليس عندهم قيم في أمور البشرية على الإطلاق، ليس عندهم أي شيء يقدموه للبشرية.
ومن الأدلة -أيضاً- أن بشائر الصحوة الإسلامية في كل أرجاء العالم الإسلامي -بل في أعماق أوروبا وأمريكا نفسها- تطل من جديد، مع أن الجهود الدعوية التي تبذل في كل البلاد الإسلامية دون المستوى المطلوب بكثير جداً، ومع ذلك فتجد انتشاراً كبيراً جداً لهذه الصحوة، فهذا مما يبشر باقتراب هذا الوعد والأجل المحتوم، يقول الله تبارك وتعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}[يوسف:١١٠]، ويقول الله تبارك وتعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ}[الشورى:٢٨]، فبعد القنوط والإياس يأتي النور والحياة، لكن هذا الدين لم يقم إلا على تضحيات وبذل وأشلاء وجماجم، ولم توقد مصابيح الهداية إلا بدماء الشهداء الأبرار الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة.