كثير من الناس يرى أن القرآن الكريم عبارة عن دواء يؤخذ للعلاج! هذا هو تصورهم للقرآن، وهذا هو المدخل الذي دخلوا منه للتعامل مع القرآن، فالقرآن في نظرهم ما هو إلا دواء، والمقصود منه أن يصل بالمريض إلى حالة الشفاء، وهذا اعتقاد غير صحيح، فينبغي التعامل مع القرآن على أنه كتاب الله سبحانه وتعالى، وأنه طريق السعادة في الدارين، ومنهج كامل للحياة، ولا يُنظر للقرآن على أنه فقط مجرد دواء لبعض الأمراض، بغض النظر عن أنه منهج شامل لحياته.
وينبغي ألا يكون التعامل مع القرآن الكريم من خلال التلاوة الذاتية التي يتعبد بها الإنسان بالتلاوة والصوت والحركات والحروف، أو من خلال تشغيل المسجل، وحتى الإخوة الملتزمون يكتفي بعضهم بسماع المسجل، ويقول أحدهم: أنا لا أقطع صلتي بالقرآن، بل أسمع إذاعة القرآن الكريم كثيراً.
صحيح أن هذا شيء طيب، لكن لا شك أن الأعظم والأجدى والأكثر ثواباً أن تقرأ وتتعبد الله بتلاوة القرآن، بحيث يخرج من قلبك ولسانك أنت، ومن الجفاء أن يغلب علينا الاهتمام بالقرآن عن طريق الأشرطة، أو الكمبيوتر.
ويحصل عند بعض المعالجين أن يصرف للمريض شريط تسجيل للقرآن الكريم فيه سورة البقرة وآيات محدودة معدودة، ويكون هذا كل ما يعالج به المريض من القرآن الكريم.
وكثير من الناس إذا مرض لهم مريض -وقد لا يكون مصروعاً- يسارعون قائلين: ابحثوا عمن يرقيه! ابحثوا له عن معالج! هل من راق؟! دون أن يكون هناك حافز على أن يرقي الإنسان نفسه، مع أن الأصل في العلاج أن كل إنسان يرقي نفسه، وإلا ما الذي وسع دائرة هذه الظاهرة؟! ما لماذا لا ترقي نفسك بالقرآن؟! هل من اللازم إيجاد وسائط؟! نحن لا نقول: إن الإنسان لا يجوز له أن يرقي غيره، لكن نقول: لماذا نحصرها في هذا الإطار الضيق؟! لماذا لا يرقي الرجل زوجته بدل أن يحملها بنفسه إلى هؤلاء الناس؟! لماذا لا يرقي ولده؟ لم لابد من معالج اصطفيناه لهذه الوظيفة بالذات؟ لقد اصبح الجهد الوحيد والهدف الوحيد عند حصول حالة من هذه الحالات هو البحث عمن يقرأ عليه وكفى! كأن الناس اعتقدوا أن هذا هو التصرف السليم، وتجاهلوا أن ربنا سبحانه وتعالى أقرب لأحدهم من حبل الوريد، فالقرآن موجود، والتحصينات القرآنية موجودة، والأدعية النبوية موجودة، فلماذا لا ترقي نفسك أنت؟ لم لابد من معالج كما يزعمون؟