[اعتقاد أن آية السيف نسخت كل ما يدل على الدعوة بالحكمة والرفق]
ومن الخلط للمفاهيم ما يحصل أحياناً -للأسف الشديد- من أناس لا علم عندهم ولا بصيرة ولا فقه في آيات الله تبارك وتعالى، فيقولون: إن آية السيف نسخت كل ما قبلها من الأمر بالدعوة بالحكمة، والرفق في الدعوة، واللين، والصبر على المشركين، والإعراض عنهم، وغير ذلك من المراحل التي سبقت آية السيف وآية الجهاد، فهذا من الخلط الشديد، فهو يفهم أن قول بعض السلف: نسخت براءة كل موادعة، أنها نسخت كل دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويفهمون أن كلمة (النسخ) مثل نسخ الخمر مثلاً بحيث يحرم تماماً امتثال الحكم المنسوخ، وهذا في الحقيقة من أخطر مواضع الزلل والضعف في تفكير القوم؛ نتيجة سوء فهم آيات الله تبارك وتعالى، ولذلك كان السلف يشددون جداً فيمن يتصدر للكلام في الدين أو لتعليم الناس، حتى يمتحنوه في جملة من العلوم، ومن أهمها: الناسخ والمنسوخ، وسنزيد هذا الأمر إن شاء الله تعالى إيضاحاً، لكننا الآن نذكر رءوس أقلام تتعلق بظاهرة خلط الأوراق.
إذا كان هذا الخلط سيترتب عليه آثار في الواقع بعيدة المدى أو أبعد بكثير مما نتصور؛ فحينئذ نحتاج إلى مثل هذه الوقفة.