عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه (أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن أبواب الخير كثيرة ولا أستطيع القيام بكلها، فأخبرني بشيء أتشبث به، ولا تكثر علي فأنسى)، وفي رواية:(إن شرائع الإسلام قد كثرت وأنا قد كبرت فأخبرني بشيء أتشبث به، ولا تكثر علي فأنسى، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)، فهذا من فقه التجارة مع الله سبحانه وتعالى، فالإنسان قد يشتغل بالعمل المفضول ويترك الفاضل، مع أن المفضول قد يكون أيسر وأسهل، ويعود عليه بربح كثير، وقد يشتغل بهذا الموجود فيضيع فيه عمره، وهذا من مكائد الشيطان أن يشغل الإنسان عن التجارة التي تعطي ربحاً أكثر بما يحصل ثواباً أقل، فينبغي أن يتفطن الإنسان لهذه المسائل الدقيقة، ولا يشتغل بالمفضول عن الفاضل، فضلاً عن ألّا يشتغل بهذا ولا ذاك، فهذا حظ الشيطان وسلطانه عليه أقوى وأكثر، فكثير من الناس وخصوصاً من ينتسبون إلى السنة نجدهم يكثرون الذم والتنفير عن أحوال الصوفية وبدعهم التي يبتدعون في أمور الذكر والدعاء وغيرها حتى ينطبع في نفس بعض الناس -بدون قصد- بغض الذكر، وبعض الناس يفتنون بمظاهر الدنيا وزخرفها، فيصل بهم الأمر إلى أن يقولوا: العمل عبادة، والفعل هذا أفضل من الصلاة، وأفضل من التسبيح، حتى ينشأ في قلوب الناس احتقار الذكر، حتى أن بعض الناس يقول: أنا لا أعترف بشيء اسمه تسبيح أو تهليل، فهذه الأشياء من كلام الصوفية، فينسد هذا الباب العظيم من أبواب الخير، وقد عدّه النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال؛ بسبب عدم الفقه في هذا الأمر.