ومما يتعلق بهذه القضية التي سنتكلم فيها إن شاء الله تعالى: أن هناك بعض المطبوعات تحوي مغالطات جسيمة، وقد اطلعت على بعض المطبوعات تكلم فيها أحد المؤلفين على أحد العلماء الأفاضل، وأنا أتحرج من ذكر اسم العالم؛ لأن الشتم الذي وجه إليه شتم فظيع، وكلام العالم قد يكون غير صحيح، قد ننكر عليه هذا الكلام، اجتهد فأخطأ، فليست هناك مشكلة، لكن الرجل -بعدما حكى كلام العالم- قال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله الذي عافاني مما تقوله هذه الأنعام! فهل يمكن أن يكون في مثل هذا الإنسان خير؟! هو يتطاول على عالم من علماء المسلمين، ولم يحترم حتى شيبته، فضلاً عن العلم والخدمات الجليلة التي قدمها لهذا الدين.
وهذا المنهج الذي أوله ازدراء للعلماء، لاشك أن عاقبته غير حميدة، وهذا الذي نلاحظه، فما وجدنا أحداً ممن يطيل لسانه في أهل العلم إلا وتكون عاقبته سيئة والعياذ بالله، كما قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى: اعلم أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك ستر منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه فيهم بالثلب، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب.
أو كما قال رحمه الله تعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)، لماذا؟ لأن تعظيم العلماء من شعائر الله؛ بل هي من علامات وجود التقوى في القلب، كما قال عز وجل:{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج:٣٢].
فاحترام العلماء، والتأدب معهم، ليس هو احتراماً لأشخاصهم؛ بل هو احترام لشعائر الله، فالعلماء من شعائر الله التي يجب أن توقر، وأن تحترم، وألا تنتهك محارمها، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:(إن أهون الربا مثل أن ينكح الرجل أمه! وإن أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق)، فإذا كان هذا في المسلم العادي، فكيف بالعالم الجليل؟! ويقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، قال الإمام أحمد وغيره من الأئمة: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي أي: إذا لم يكن العلماء هم أحق الناس بولاية الله فليس لله أولياء؛ لأنهم أجدر وأولى الناس بولاية الله تبارك وتعالى، فهم الأدلّاء عليه، والمنافحون عن دين الله تبارك وتعالى.