وعن المرتجي بالله محمد بن الواثق العباسي قال: كان أبي إذا أراد أن يقتل أحداً أحضرنا، فأتي بشيخ مقيد، فقال: ائذنوا لـ أبي عبد الله وأصحابه، يقصد بذلك أحمد بن أبي دؤاد شيخ المعتزلة الضال.
قال: فأدخل الشيخ الذي سيقتل فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين! فقال: لا سلم الله عليك فقال: يا أمير المؤمنين، بئسما أدبك مؤدبك! قال الله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء:٨٦].
فقال ابن أبي دؤاد: الرجل متكلم! أي: يبدو أن عنده قدرة على الجدل والمناظرة.
فقال له: كلمه، فقال أحمد بن أبي دؤاد للشيخ: ما تقول في القرآن؟ قال: لم ينصفني ولي السؤال، قال: سل، قال: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق! قال الشيخ: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ قال: شيء لم يعلموه، فقال: سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم علمته أنت؟! فخجل، فقال: أقلني.
قال: المسألة بحالها، قال: نعم علموه، قال: علموه ولم يدعوا الناس إليه؟ قال: نعم، قال: أفلا وسعك ما وسعهم؟ قال: فقام أبي فدخل مجلساً واستلقى وهو يقول: شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان الله! شيء علموه ولم يدعوا الناس إليه أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم أمر برفع قيوده وأن يعطى أربعمائة دينار ويؤذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن أحداً بعدها.