هذا التميز بين الهوية الإسلامية وما خالفها من الهويات ثابت في كل حين، وقد فرض الله سبحانه وتعالى علينا معشر المسلمين في كل يوم وليلة أن ندعوه سبع عشرة مرة أن يهدينا الصراط المستقيم؛ حيث إن كلنا يقول:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:٦] ثم يزيد هذا الصراط وضوحاً فيقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة:٧] الذي نحن ننتمي إليهم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٧] وهذا من أركان الهوية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ليس منا من عمل بسنة غيرنا).
وعرف اليهود ذلك، وشعروا أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى أن يخالفهم في كل شئونهم الخاصة بهم، حتى ضجر اليهود من ذلك، وقالوا: ما يريد هذا الرجل -أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، وذلك حرصاً منه على تميز الهوية الإسلامية، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(من تشبه بقوم فهو منهم).
وقد صحت كثير من الأحاديث التي تفصل هذه المخالفة وتحض عليها في كثير من أبواب الدين، وهناك أحاديث كثيرة جداً في الصلاة وفي النكاح وفي الصيام وفي العادات وفي الأكل والشرب واللبس وفي سائر الأعمال حض النبي صلى الله عليه وسلم فيها على التميز عن المشركين وعدم موافقتهم.