كما حرم النبي صلى الله عليه وسلم التصوير بكل أنواعه -أي: تصوير ذوات الأرواح- لما فيه من مضاهاة خلق الله، ولما فيه من اعتداء على حق الله سبحانه وتعالى، فالله هو المصور كما قال تعالى:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ}[الحشر:٢٤]، وفي الحديث:(يقول الله عز وجل يوم القيامة: أين الذين ذهبوا يخلقون كخلقي؟! فليخلقوا بُرة فليخلقوا شعيرة)، فهل يستطيع هؤلاء المصورون أن يخلقوا حبة شعير؟! وإنما تحداهم الله عز وجل يوم القيامة لِعِظَم الحكمة من تحريم التصوير، وهي: مضاهاة خلق الله، وليس فقط حماية جناب التوحيد من عودة الناس إلى عبادة الأصنام التي كانوا يعبدونها، لكن الحكمة لأن فيها تشبهاً بخلق الله، فإن تشبه المخلوق بفعل الخالق لا ينبغي، كما جاء في تحريم التعذيب بالنار، فإنه لا يحل التعذيب بالنار؛ لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار، وكذلك التصوير من خصائص الخالق سبحانه وتعالى، فلا ينبغي مضاهاة خلق الله، والتشبه بفعل الله في خلق ذوات الأرواح؛ ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم التصوير قوله:(إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)، وقال:(إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فتحداهم الله عز وجل بأن يحيوا ما خلقوا.
أفلا يتقي الله أناس لم يكتفوا باستباحة هذه التصاوير في بيوتهم، ولكن بدءوا يجترئون على حرمة بيوت الله، ويدخلون هذه التصاوير داخل المساجد، ويوقظون الفتن، ويدسون الشر في بيوت الله!! فإذا كانت الملائكة لا تدخل المساجد فأين تدخل؟! ووجود الصور داخل المساجد من ذرائع الوقوع في هذه المخالفة العظيمة، وإقرار هذا المنكر العظيم، فينبغي أن نراعي حرمة المسجد، فإن المسجد له حرمة عظيمة، ولا ينبغي أن نُدخل إلى المسجد شيئاً من هذه التصاوير التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وتواترت الأحاديث في تحريمها والتحذير منها.