أما الكلام في الحقيقة على عبودية الأنبياء فموضوع مهم جداً جداً، وما أكثر ما تكلم الناس فيه! لكن نشير إشارة عابرة؛ لأنه ليس هذا المقصود الأساسي من البحث.
يقول تبارك وتعالى:{قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}[النمل:٥٩]، وهم الرسل عليهم السلام، وقال عز وجل:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}[الصافات:١٧١]، فوصف الأنبياء بالعبودية له عز وجل، وقال أيضاً:{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[النحل:٢]، وقال أيضاً:{وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}[الأنبياء:٧٣]، فهذا أشرف وصف يعتز به الأنبياء والمرسلون، وهو أنهم عباد لله تبارك وتعالى.
ويقول عز وجل مبيناً عبودية نوح له:{إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}[الإسراء:٣]، ويقول أيضاً:{فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ}[القمر:٩]، وقال أيضاًَ في حقه:{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}[الصافات:٨١]، وقال أيضاً:{كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}[التحريم:١٠].
أما إبراهيم فقال الله عز وجل في وصفه:{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}[الصافات:٨١]، وقال:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ}[ص:٤٥].
أما موسى فقال أيضاً فيه وفي أخيه هارون:{إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}[الصافات:١٢٢].
أما عيسى فكان أول ما نطق به في المهد أن قال:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم:٣٠]، وقال أيضاً في حقه:{إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}[الزخرف:٥٩]، وقال أيضاً:{لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ}[النساء:١٧٢].
أما خاتمهم وسيدهم صلى الله عليه وآله وسلم فقد وصفه الله بالعبودية في أشرف مقاماته فقال:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً}[الجن:١٩]، وقوله:(عبد الله) يقصد به الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا هنا في مقام الدعوة، وقال عنه كذلك في مقام الإسراء:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لِيلاً}[الإسراء:١]، وقال عنه أيضاً في مقام التحدي:{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}[البقرة:٢٣]، وقال أيضاً:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه}[الزمر:٣٦].