أيضاً: مازال العلماء ينصحون الإنسان أن لا يشتغل بالحديث قبل أن يحفظ القرآن ويولي القرآن اهتماماً، فكان العلماء إذا أتاهم طالب يطلب سماع الحديث سألوه: هل حفظت القرآن؟ فإن قال: لا، أبوا أن يقرءوا عليه أو يسمعوه الأحاديث حتى يفرغ من قراءة القرآن وحفظ القرآن، فإذا جاءهم حافظ للقرآن اختبروه فيه، وحينئذ يبدءون في تسميعه، لكن اليوم في الحقيقة هناك آفة منتشرة جداً: أن بعض الناس يهجرون القرآن تماماً ويركزون فقط على علم الحديث، وليس على كل فروع علم الحديث، إنما في أبواب معينة أو علوم معينة من علوم الحديث، فيركزون عليها ويهملون سائر العلوم بما في ذلك التوحيد أو الفقه أو غير ذلك، وللأسف الشديد ظهر هذا كشعار لمن ينتسبون إلى الدعوة السلفية في كثير من بقاع الأرض، ظنوا أن السلفية هي هذا النموذج! أن يشتغل الطالب ليل نهار في علم الرجال وعلم الحديث ويهجر القرآن تماماً، ويهجر العلوم الشرعية الأخرى بما في ذلك الفقه وغيره من العلوم، حتى وصل الأمر ببعض الناس ممن ينتسبون إلى السلفية أن أنكروا علم أصول الفقه تماماً! والبعض يقول: التجويد هذا ليس له أي أصل، وما نعترف بعلم التجويد وهكذا!! وهذا من الخطأ في فهم هذه المسألة، فالسلف رحمهم الله تعالى كانوا يراعون هذا الأمر، وكانوا يرفضون قراءة الأحاديث على من لم يفرغ من حفظ القرآن الكريم.