أما موضوع حقوق الجار فهو موضوع مستقل بذاته، والأدلة فيه كثيرة جداً، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:(ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) أي من شدة حق الجار ووجوب حفظ حقه.
فحسن الجوار من علامات الإيمان أو من شعب الإيمان بالله واليوم الآخر، وجاء في الأثر: أن عبد الله بن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما دخل بيته فوجد أهل بيته قد ذبحوا ذبيحة، فسألهم: هل أعطيتم جارنا اليهودي؟ تكلم بلهجة الغضبان عليهم، هل أعطيتم جارنا اليهودي؟ وظل يعنفهم على عدم إعطائهم الجار اليهودي، وهذه صورة من صور الإحسان إلى الجار غير المسلم، إعطاؤه أو إهداؤه شيئاً من الطعام.
إن الإحسان لغير المسلم قد يكون بمعنى المواساة، إذا أصابته مصيبة فيواسيه فيها كأن يموت ابنه أو أبوه، فإنه يعزيه ولا يدعو له بالرحمة؛ لأنه لا يستحق الرحمة، أي: الرحمة في الآخرة.
كذلك أيضاً أقل الإحسان للجار أن تكف أذاك عنه، وكذلك حسن العشرة، كذلك نصرته إن كان صاحب حق وهكذا.
وكما أن الإخوة الملتزمين يتميزون في مظهرهم بإعفاء اللحية وبالقميص غير المسبل، وبالمحافظة على الشعائر الإسلامية كصلاة الجماعة وغيرها، فينبغي أيضاً أن يتميز المسلمون الملتزمون بحفظ الجوار، وذلك بأن يحسنوا إلى جيرانهم ولا يسيئوا إليهم، هذا أيضاً من الشعائر الإسلامية التي ينبغي أن يتميز بها الملتزمون بدينهم، وينبغي أيضاً أن يتذكر الإخوة الملتزمون حكم الجوار وحكم الإحسان إلى جيرانهم.
فالبر والإحسان إلى أهل الذمة ونحوهم والعطف عليهم، سواء كانوا أقارب أم أجانب لابد منه، ما لم يكن المحسن إليه منهم حربياً.