النار واسعة جداً، ومما يدل على ذلك كثرة عدد أهلها، يقول الله سبحانه وتعالى:{لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص:٨٥]، ويقول الله عز وجل:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف:١٠٣]، ويقول عليه الصلاة والسلام:(عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط) استجاب له عدد قليل من الناس (ورأيت النبي ومعه الرجل، ورأيت النبي ومعه الرجلان، ورأيت النبي وليس معه أحد).
إذاً: الإنسان مسئول أن يبلغ دعوة الحق، لكنه غير مسئول أن يستجيب له الناس، فبعض الأنبياء أتوا إلى قومهم ولم يؤمن بهم إلا واحد أو اثنان، وهناك أنبياء لم يستجب لدعوتهم أحد! وقال النبي عليه الصلاة والسلام مبيناً كثرة أهل النار حينما كان جالساً مع أصحابه:(إن الله سبحانه وتعالى ينادي آدم يوم القيامة فيقول: يا آدم! أخرج بعث النار من ذريتك، فيقول آدم: وما بعث النار يا رب؟ فيقول الله سبحانه وتعالى: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين! يقول عليه الصلاة والسلام: فذاك حين يشيب الصغير {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:٢] فضج الصحابة رضوان الله عليهم وشق ذلك عليهم، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فقالوا: الحمد لله والله أكبر، قال: والذي نفسي بيده! إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، فقالوا: الحمد لله والله أكبر، فقال صلى الله عليه وسلم: ما مثلكم في الأمم إلا كمثل الشعرة البيضاء في مسك -جلد- الثور الأسود أو كالرقمة -الحلقة- في ذراع الحمار).
ما سبب كثرة أهل النار يوم القيامة؟ أهل النار أنواع، فمنهم قوم كفروا بالرسل وكذبوا المرسلين.
وقوم أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر وهم المنافقون.
وهناك قوم أظهروا الإيمان وأبطنوا الإيمان، ولكنهم تلبسوا ببعض البدع الضالة التي أخرجتهم من الفرقة الناجية.
وهناك أقوام ممن سلموا من الكفر وسلموا من النفاق وسلموا من البدع، لكنهم وقعوا في الشهوات والكبائر، فهؤلاء أيضاً يستحقون النار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(حفت النار بالشهوات) يعني: أحاطت بها الشهوات، فتتزين الشهوات للإنسان فيتبعها فتلقيه في جهنم والعياذ بالله! وأكثر أهل النار النساء، قال صلى الله عليه وسلم:(اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير) يعني: تكفر المرأة إحسان الزوج إليها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(تحسن إلى إحداهن الدهر، فإذا ما رأت منك شراً قالت: ما رأيت منك خيراً قط!)، إذا رأت منك شيئاً تكرهه تنسى كل الإحسان السابق وتذكر هذه السيئة الواحدة.