للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم وقوف المستأذن قبالة الباب]

ينبغي ألاّ يقف المستأذن قبالة الباب إذا كان الباب مفتوحاً، وكذلك إذا كان مغلقاً؛ خشية أن يفتح له فيرى من أهل المنزل ما لا يحبون أن يراه، وهذا بخلاف ما لو كان الباب عن يمينه، أو عن يساره، فإنه إذا فتح الباب لا يرى ما في داخل البيت.

وبعض الناس يتنطعون، فتراه يطرق الباب ثم يختبئ بعيداً عن الباب تماماً، وهذا خطأ، فقد وجد في هذه الأيام وسائل حديثة كالكاميرات التلفزيونية التي توضع عند أبواب بعض البيوت، أو العدسات التي توضع في الأبواب بحيث يرى الشخص الذي يستأذن فأصبحت هذه وسيلة للتحقق من شخصية المستأذن، فإذا اختبأت بعيداً عن الباب فإنه لا يراك.

فلابد أن نفهم هذه الأشياء، وأن نعرف حدودنا، فيقف المستأذن بجانب الباب؛ بحيث يراعي حرمة البيت، فإذا فتح الباب فإنه لا يرى شيئاً في داخل البيت، وفي نفس الوقت يقف في مكان يستطيع من يستأذن عليهم أن يروه، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: السلام عليكم السلام عليكم؛ وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور).

وعن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه استأذن وهو مستقبل الباب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تستأذن وأنت مستقبل الباب)، وفي رواية قال: (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت، فقمت مقابل الباب فاستأذنت، فأشار إليّ أن تباعد، ثم جئت فاستأذنت، فقال: وهل الاستئذان إلا من أجل النظر؟!).

وعن هزيل بن شرحبيل قال: (جاء رجل فوقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن، فقام على الباب، وفي رواية: مستقبل الباب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هكذا عنك أو هكذا، فإنما الاستئذان من النظر).

ويروى عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيت حتى يستأذن، فإن فعل فقد دخل) يعني: إذا نظر بعينه فكأنه دخل (ولا يؤم قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم حتى ينصرف، ولا يصلي وهو حاقن حتى يتخفف).

وهذا الحديث يضعفه بعض العلماء، ويحسنه بعضهم.

وفي بعض الأحاديث أيضاً: (لا تأتوا البيوت من أبوابها، وائتوها من جوانبها فاستأذنوا وإلا فارجعوا).

فإذا كان الباب مغلقاً فقد أوضحنا حكمه، وأما إن كان الباب مفتوحاً فهو مغلق بالتحريم الشرعي للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه، بمعنى: أنه لا يجوز لك أن تنظر إلى داخله، ولذلك يقول القرطبي: لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه.

وقد توجد في الباب عدسات أو شيء من هذا القبيل، فالمفروض أنه يمكِّن صاحب البيت من التعرف عليه؛ حتى ينظر هل يناسبه أن يأذن له أم لا؟