[حكم استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة في الفضاء والبنيان]
قال العلماء: لا يحرم استقبال بيت المقدس ببول ولا غائط ولا استدباره لا في البناء ولا في الصحراء، لكن يكره؛ لكونه كان قبلة، واستدل بعض العلماء بحديث معقل بن أبي معقل الأسدي رضي الله عنه قال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقبل القبلتين ببول أو غائط) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة، وقال النووي: إسناده جيد ولم يضعفه أبو داود.
وهناك عدة أجوبة عن هذا: الأول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال بيت المقدس حيث كان قبلة، يعني: كأن النهي حصل مرتين، لما كانت القبلة أولاً إلى بيت المقدس نهى عليه الصلاة والسلام في ذلك الزمان عن استقبال القبلة التي كانت في بيت المقدس، ثم نهى عن استقبال الكعبة حين صارت هي القبلة، فجمعهما الراوي في حديث واحد فقال:(نهى أن يستقبل القبلتين ببول أو غائط)، وهذا جواب ضعيف.
الجواب الثاني: أن المراد بالنهي أهل المدينة خاصة؛ لأن من استقبل بيت المقدس وهو في المدينة استدبر الكعبة، وإن استدبر بيت المقدس استقبل الكعبة، وهذا التأويل ضعيف أيضاً.
أما المختار الظاهر عند الإمام النووي رحمه الله، فقد قال: إن النهي وقع في وقت واحد، وأنه عام لكلتيهما في كل مكان، ولكنه في الكعبة نهي تحريم إذا كان في الفضاء، وفي بيت المقدس نهي تنزيه، ولا يمتنع أن يجتمع نهي واحد يكون فيه تحريم وتنزيه وإن اختلف معناه، وسبب النهي عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة، وقد اختار الخطابي هذا التأويل.
فإن قيل: لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه؟ قلنا: للإجماع فلا يعلم من يعتد به حرمه، فالصارف للنهي عن التحريم إلى التنزيه هو الإجماع.