وقد تكلمنا عن الأدلة التي ترجح أن اسم (الله) هو الاسم الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، ومن هذه المرجحات: أن هذا الاسم ما أطلق على غير الله سبحانه وتعالى، فإن العرب كانوا يسمون الأوثان آلهة، إلا أن اسم الله لم يطلقوه على أوثانهم، وإنما أفردوا الله سبحانه وتعالى به، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان:٢٥]، وقال تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥]، يعني: هل تعلم من اسمه (الله) سوى الله؟! فانفرد الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم الأعظم، فلما كان هذا الاسم في الاستحقاق بالله تعالى على هذا الوجه وجب أن يكون أشرف أسماء الله سبحانه وتعالى.
كذلك قلنا: إن هذا الاسم هو الأصل في أسماء الله سبحانه وتعالى، وسائر الأسماء مضافة إليه، فقد قال تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠]، ولم يقل: للرحمن الأسماء الحسنى، ولا للجبار الأسماء الحسنى، وإنما قال:((وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى))، فأضاف سائر الأسماء إليه، ولا محالة أن الموصوف أشرف من الصفة، ولأنه يقال: الرحمن الرحيم الملك القدوس إلى آخره كلها من أسماء الله تعالى، ولا يقال:(الله) اسم الرحمن الرحيم، فدل هذا على أن الاسم هو الأصل.
كذلك قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء:١١٠]، فخصهما بالذكر فدل على أنهما أشرف من غيرهما، ثم إن اسم الله أشرف من اسم الرحمن لعدة أمور: أولاً: لأنه يقدم في الذكر قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء:١١٠].
ثانياً: لأن اسم الرحمن يدل على كمال الرحمة، لكنه لا يدل على كمال القهر والغلبة والعظمة والألف والعزة، وأما اسم (الله) فإنه يدل على كل ذلك؛ فثبت أن اسم الله تعالى أشرف.
كذلك قلنا: إن هذا الاسم له خاصية غير حاصلة في سائر الأسماء، وهي أن سائر الأسماء والصفات إذا أدخل عليها النداء أسقط عنها الألف واللام، ولهذا لا يجوز أن تقول: يا الرحمن! يا الرحيم! يا السلام! وإنما تقول: يا رحمان! يا رحيم! يا عزيز! يا قوي! أما هذا الاسم فإنه يحتمل هذا فيصح أن يقال: يا ألله؛ لأن الألف واللام في هذا الاسم صارا كالجزء الذاتي فلا يسقطان في حالة النداء، وفيه إشارة لطيفة وهي: أن الألف واللام للتعريف فعدم سقوطهما عن هذا الاسم يدل على أن هذه المعرفة لا تزول أبداً.