هؤلاء الغربيون يعيشون كالبهائم العجماوات، وإذا سبرت أغوارهم وعرفت أحوالهم؛ وجدت الحيوانات أفضل منهم، فليسوا هم أسوتنا، لكن أسوتنا خير أمة أخرجت للناس، فإذا لم نحل بين الرجال والنساء الأجانب بهذه الحصون والقلاع، فلا بد أن تسقط الأعراض أمام هذه الهجمة الشرسة ويقع المحذور، ولا ينفع حينئذ بكاء ولا ندم، والتبعة كل التبعة، واللوم أولاً وأخيراً على ولي البنت الذي ألقى لها الحبل على غاربه، وأرخى لابنته العنان، فيداه أوكتا وفوه نفخ، يقول بعض الشعراء: نعب الغراب بما كرهـ ت ولا إزالة للقدر تبكي وأنت قتلتها فاصبر وإلا فانتحر ويقول الآخر: أتبكي على لبنى وأنت قتلتها لقد ذهبت لبنى فما أنت فاعل فلا يلومن أحد إلا نفسه، كل أب أو ولي يفرط في هذه الواجبات فمسئوليته أمام الله سبحانه وتعالى.
أخيراً نقول: إن جعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية والفضائح المشينة التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين، وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي فشا فيها الاختلاط صارخة بخطر الاختلاط على الدين والدنيا، لخصها العلامة أحمد وثيق باشا العثماني رحمه الله، فقد كان من الأتراك المشهورين، وكان قد سأله بعض عشرائه من رجال السياسة في أوروبا في مجلس إحدى العواصم الأوروبية، فقال له: لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال ويغشين مجامعهم؟ فأجابه في الحال قائلاً: لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن! وكان هذا الجواب كصب ماء بارد على رأس هذا السائل، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر.
ولما وقعت فتنة الاختلاط في الجامعة المصرية على يد طه حسين وقعت حوادث يندى لها الجبين، وسئل طه حسين: ما رأيك في الاختلاط والسنة السيئة التي أدخلتها في بلاد المسلمين، وقد حدث منها كذا وكذا، مما يندى الجبين عرقاً من حكايته؟ فكان جوابه: لا بد من ضحايا! لكنه لم يبين بماذا تكون التضحية؟ وفي سبيل ماذا لا بد من ضحايا؟ وهل يوجد شيء أغلى وأثمن من أعراض المسلمين حتى يضحى به في سبيل غيره؟! نستطيع أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها، وهي أنك إذا وقفت على جريمة دنس بها العرض وذبح العفاف وأهدر الشرف، ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي نسجت هذه الجريمة وسهلت سبيلها؛ فإنك حتماً ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة بين الرجال والنساء، ومن خلال هذه الثغرة دخل الشيطان، قال الله عز وجل:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا}[النساء:٢٧ - ٢٨].
فلأن الإنسان ضعيف ولأن الله بنا رحيم، شرع لنا هذه القيود وهذه الضوابط كي تصب في هذا المجرى العظيم، صيانة العرض وحماية المجتمع من هذه الفاحشة.