الأمر السادس من منكرات التمثيل: أنه ينافي الحياء ويدل على السفه وقلة العقل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء)، وقال صلى الله عليه وسلم:(الحياء من الإيمان)، وقال صلى الله عليه وسلم:(إن الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا نزع أحدهما نزع الآخر) فالإنسان أول ما يتجرأ على أن يرتاد هذه الأماكن النجسة مثل المسارح والسينما، وكذلك ما هو داخل البيوت في هذا الوقت وهو أخبث وأشد وأطم، ألا وهو الفيديو أو التلفزيونات، فإذا تجرأ إنسان وجلس أمام هذه المعبودات وأما هذه الأصنام الجديدة فلا شك أنه يبذل حياءه ومروءته ودينه، ويبيع إيمانه بالتدرج، وهؤلاء الممثلون معروفون بنقص العقول وسفاهتها؛ لأنهم يفعلون أفعالاً يأبى الحمقاء أن يفعلوا بأنفسهم مثلها ليضحكوا الناس، فتارة يجعل الممثل نفسه حماراً يمشي على أربع وينهق نهيق الحمير، وتارة يجعل نفسه كلباً يعوي عواء الكلب، ويقلد الكلاب في مشيها وفي حركاتها وجلوسها وأكلها، وتارة يجعل نفسه امرأة حاملاً ذات بطن منتفخة ثم يجلس للولادة، وأخرى يجعل نفسه مجنوناً عاري البدن مقلداً للأحمق في سائر أفعاله، حتى البول على عقبه ونحو ذلك، وأخرى يجعل نفسه سكران مقلداً هيئة السكارى، ثم هو في كل ذلك يفعل بحواجبه ومناخيره وفمه ولسانه وشفتيه أفعالاً مشوهة للخلقة ما رأينا -والله- مجنوناً مطبقاً يأتي بربعها، بل ولا عشرها، ثم مع كل هذا يعدون هذه الخسة والحقارة وصفاقة الوجه والوقاحة من العلوم والفنون، ويسمون الممثل السفيه الجاهل الأحمق الساقط الفاسق الفاجر -بل الملحد الكافر الذي يفسد أخلاق المسلمين ودينهم ودنياهم- يسمونه البطل والأستاذ الكبير والمربي القدير، ونحو ذلك من الألفاظ الجليلة والألقاب السامية، نعوذ بالله من الفجور والجهل! ونستطيع نحن أن ندرك مدى فتنة الناس بهؤلاء الفساق حينما نتأمل جنائزهم أو جنائز بعضهم، فهذه المرأة الفاسقة التي ملأت الدنيا فسقاً بغنائها وفسادها ترى الناس أفواجاً حول جنازتها، ففي ثاني يوم من وفاة أم كلثوم كانت الجرائد حافلة بالتمجيد وما يسمونه بالتأبين، وفيها الصور والأحداث، فقال بعض مشايخنا: ينبغي الاحتفاظ بهذه الجريدة؛ لأنها وثيقة تاريخية لإدانة هذه الأمة، وتصوير لمدى التفريط الذي نحن عليه من تعظيم مَنْ حقه أن يحتقر وأن يوضع وأن ينفى من الأرض، كما قال الله عز وجل:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}[الأحزاب:٦٠ - ٦١]، فهاتان الآيتان في ذم أمثال هؤلاء ونظرائهم في العهد النبوي.