وصفة الطواف: أن يبتدئ طوافه من الركن الذي فيه الحجر الأسود، وهناك شيء يسهل الطواف وهو أنه يوجد خط بني من الرخام مقابل الجهة التي عندها الحجر الأسود، فيبدأ الشوط منها، فيستقبل الحجر الأسود، فيحاذي بجميع بدنه جميع الحجر، فإذا واجهه استلمه بيديه، يقول: باسم الله والله أكبر ثم يقبله، ثم إن شاء سجد عليه، هذه هي الصورة المثلى لاستلام الحجر الأسود، فيستقبله ويستلمه بيديه ثم يقبله إن لم يؤذ الناس بالمزاحمة، فيحاذي بجميع بدنه جميع الحجر، وذلك بحيث يكون جميع الحجر عن يمينه ويكون منكبه الأيمن عند طرف الحجر، ويتحقق أنه لم يبق وراءه جزء من الحجر، ثم يبتدئ طوافه ماراً بجميع بدنه على جميع الحجر جاعلاً يساره إلى جهة البيت، ثم يمشي طائفاً بالبيت، ثم يمر وراء الحِجْر، ويدور بالبيت فيمر على الركن اليماني، ثم ينتهي إلى ركن الحجر الأسود وهو المحل الذي بدأ منه طوافه، فتتم له بهذا طوفة واحدة، ثم يفعل ذلك حتى يتمم سبعة أشواط، وكلما مر بالحجر الأسود يستلمه ويقبله ويسجد عليه إن استطاع، وإن لم يستطع فيستلمه ويقبله، فإن لم يستطع يستلم بيديه ويقبل يديه، فإن لم يستطع فيشير إليه من بعيد ويقول: باسم الله والله أكبر.
أما في الركن اليماني فليس عنده ذكر معين، لكن يستلمه فقط بدون ذكر، وإذا لم يستطع فلا يشير إليه، هذا بالنسبة للركن اليماني الذي من الجهة اليمانية.
ويقول الشنقيطي رحمه الله: أصح أقوال أهل العلم أنه لابد أن يكون جميع بدنه حال طوافه خارجاً عن شاذوران الكعبة؛ لأنه منها، وكذلك لابد أن يكون جميع بدنه حال طوافه خارجاً عن جدار الحجر؛ لأن أصله من البيت، ولكن لم تبنه قريش على قواعد إبراهيم؛ لأجل ذلك لم يشرع استلام الركنين الشاميين، وإذا صليت داخل الحجر فأنت تصلي داخل الكعبة.
وهناك سنن في طواف القدوم أو طواف العمرة الذي تفعله أول ما تقدم إلى مكة: فيسن حينما تقترب من الكعبة وقبل ما تبدأ الطواف الاضطباع، والاضطباع هو كشف الضبع وهو أعلى الذراع أو أعلى الكتف، بأن يرد الرداء على كتفه الأيسر ويكشف الأيمن.
بعض الناس حينما يحرمون من الميقات يضطبعون، وهذه بدعة مخالفة للسنة، فلا يتصورون إحراماً إلا بكشف الكتف، والاضطباع إنما يكون عند طواف القدوم فقط، وفيما عدا ذلك لا اضطباع، فإذا فرغ من الطواف فلابد أن يغطي كتفه؛ لأنه سيصلي.
ويسن أيضاً في الثلاثة الأشواط الأولى من طواف القدوم الرمل، والرمل: هو عبارة عن تقارب الخطا مع الإسراع في المشي.
وحكمة تشريع الرمل أن الصحابة لما أتوا للعمرة منعوا في الحديبية، وفي العام المقبل أتوا ليعتمروا، فكان المشركون يتهمونهم بالضعف حتى قالوا: أتاكم قوم قد أنهكتهم حمى يثرب، فكانوا يظهرون الشماتة في الصحابة أن حمى المدينة قد أنهكتهم وأمرضتهم، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يظهر الجلد والقوة حتى لا يشمت المشركون، فأمرهم أن يسرعوا في الخطا حتى يظهروا الجلد والقوة، وأنهم في عافية، ثم بقي هذا الحكم مع أن علته قد زالت بتمكين المسلمين من الفتح، فهذا لا ينافي أن هناك علة أخرى لهذا الحكم، وهذه العلة هي أن يتذكر المسلمون نعمة الله عليهم بالقوة بعد الضعف، وبالكثرة بعد القلة.
ويشترط للطواف الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة.