ثم نخصص بعض الأنواع من الكائنات كالحيوانات والدواب، فهناك دليل عام يشمل الحيوانات والدواب، وهو قوله تعالى:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ}[النحل:٤٩]، فقوله:(مِنْ دَابَّةٍ) هذه صيغة عموم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري:(قرصت نملة نبياً من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة فأحرقت أمة من الأمم تسبح الله!)، أي: أن الله عز وجل عاتبه.
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم:(ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة خشية أن تقوم الساعة)، أي: تستمع بأذنها وتترقب قيام الساعة؛ لأن يوم الجمعة هو أخطر يوم عندها؛ لأنه هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، فهي تدرك هذه الحقيقة، فكل يوم جمعة تكون في أشد حالات الإشفاق والخوف من أن يكون هذا موعد قيام الساعة.
ويقول أيضاًً:(لا تطلع الشمس ولا تغرب على أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة إلا وهي تفزع ليوم الجمعة، إلا هذين الثقلين: الجن والإنس).
وقد مر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجنازة فقال:(مستريح ومستراح منه، فسألوه عليه الصلاة والسلام: ما مستريح وما مستراح منه؟ فقال: إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) رواه البخاري.
ومعنى ذلك أن هذه الكائنات كلها تكره الكافر، وتكره الفاسق الذي يعصي الله تبارك وتعالى، وتود موته حتى تستريح من شره ومن أذيته إياها.
ويقول تبارك وتعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل:٨٢] وهذا حقيقة لا مجاز.