بيع الأمانة أو بيع الأمان: وسمي بيع الأمان لوجود الائتمان بين الطرفين على صحة خبر رفع السلعة بمقدار ما عن رأس المال، فهذا النوع من البيع مبني على الائتمان والثقة؛ فإن البائع إذا قال لك: هذه السلعة اشتريتها بمائة وأربحني فيها خمسين مثلاً أو عشرين مثلاً، فهذا النوع من البيع مبني على أنه صادق فيما يخبر به من أنه فعلاً اشترى السلعة بمائة.
وبيوع الأمانة كلها جائزة ما دامت بين متبايعين، وما دامت السلعة في ملك البائع، ويصرح البائع تصريحاً ويقول: اشتريتها بكذا، وقد يأتي بفواتير تبين أنه بالفعل اشترى هذه السلعة بمقدار الثمن الأول على وجه الأمانة، فيقول: أنا اشتريتها بكذا، ويحدد له مكسباً يربحه إياه؛ فيقول مثلاً: أنا اشتريتها بأربعمائة، وأبيعها لك بزيادة خمسين، والثاني قبل، فلا توجد حينها مشكلة؛ لأنه حدد له المبلغ الذي سيربحه إياه، فمجموع الربح خمسون، ولا يوجد غرر ولا جهالة، لأن الزيادة على رأس المال كانت مبلغاً مقطوعاً أو نسبة مئوية من الثمن الأول، فالمشتري يأتمن البائع على كلفة سلعته، ويصدقه فيما يخبره من الكلفة ومقدار ربحه؛ لأنه قد يخشى الغبن في المساومة لجهله بالسلع وأثمانها.
فالمشتري الذي ليس لديه خبرة يخدع بسهولة ويغبن، فلذلك جعل الشرع له هذا الباب؛ لأنه لو اشترى ببيع المساومة فالتاجر قد يخدعه، ويبيع له بسعر فيه غبن فاحش ويظلمه، فهذا له سعة في بيع المرابحة؛ حتى نحمي مثل هذا الرجل من أن يظلم بسبب جهله بمقدار الربح، والله سبحانه وتعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:٢٧].
وهذا البيع مبني على أن البائع صادق فيما يخبر به من ثمن الأصل، فمثال المرابحة أن يقول البائع: أنا اشتريت هذه الدار بألف، وبعتكها بما اشتريتها به وزيادة مائتين، فيقول المشتري: قبلتها بذلك.
فهذا من بيوع الأمانة؛ لأن ما اشترى به البائع لم يعلم إلا من جهته، فإن تبين أنه كذب في الإخبار بالثمن، وأنه إنما اشتراها بتسعمائة فقط؛ وجب حط المائة عن المشتري، ولابد أنه إذا ظلمه أن يعطى حقه، ويخفض من ثمن السلعة.