[الشرط الرابع: عدم جواز الاستنجاء بما له حرمة أو متصل بحيوان]
يشترط فيما يستنجى به: ألا تكون له حرمة، وهذه من المصائب والبلايا التي لا يلتفت لها كثير من الناس.
يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله تبارك وتعالى: ولا يجوز الاستنجاء بما له حرمة، كشيء كتب فيه فقه أو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها، فهو في الحرمة أعظم من الروث والرمة، ولا يجوز بمتصل بحيوان كَيَدِهِ وعقبه وذنب بهيمة وصوفها المتصل بها.
قال بعض أصحابنا: يجمع المستجمر به ست خصال: أن يكون طاهراً جامداً منقياً غير مطعوم ولا حرمة له ولا متصل بحيوان.
يقول ابن قدامة رحمه الله: أما الطعام فتحريمه من طريق التنبيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الروث والرمة في حديث ابن مسعود، لكونه زاد إخواننا من الجن، فزادنا مع عظم حرمته أولى.
وهذا تنبيه إلى أنه لا يستنجي الإنسان بما هو زاد إخوانه الآدميين من الفواكه أو الخبز أو أي شيء مما يؤكل، لأنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء بالعظام؛ لأنها زاد إخواننا من الجن، فزادنا مع عظم حرمته أولى ألا يستنجى به.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: فرع: قال أصحابنا: ومن الأشياء المحترمة التي يحرم الاستنجاء بها: الكتب التي فيها شيء من علوم الشرع، فإن استنجى بشيء منها عالماً أثم، وفي سقوط الفرض الوجهان، والصحيح لا يجزئه، فعلى هذا تجزئه الأحجار بعده، ولو استنجى بشيء من أوراق المصحف -والعياذ بالله- عالماً صار كافراً مرتداً، نقله القاضي حسين والروياني وغيرهما والله أعلم.
مسألة: يقول النووي: إذا استنجى بمائع غير الماء لم يصح.
يعني: كأن يستنجي بخل أو بأي سائل غير الماء لم يصح.
ثم يقول: ويجب عليه أن يستنجي بعده بالماء، ولا يجزئه الأحجار بلا خلاف في هذه الحالة.
وذلك لأن المائع من خل أو ماء ورد أو أي شيء من السوائل غير الماء إذا لاقى النجاسة فإنه ينجس بذلك، فتزيد النجاسة على النجاسة، ولا ينقي ذلك إلا الماء.
هذا ما يتعلق بشروط ما يستنجى به.