من منكرات التمثيل أن التمثيل لا يمكن أن يستغني عن وجود نساء في الغالب، وإذا كان بغير نساء فإنه يقوم رجل بتمثيل دور امرأة، وهذا أخبث وأطم، فيلبس الرجل ملابس المرأة ويتزين بزينتها، وهذا ملعون فاعله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن التمثيل قد يفضي بالشخص إلى أن يصل ويقف مواقف شائنة مخزية؛ إذ يمكن أن الشخص يقوم بدور إبليس، ومن الذي يقبل أن يقوم بدور إبليس أو يقوم بدور خروف؟! هذا حصل، وقد يقوم بدور كافر مثلاً، فربما يضحك عليه الناس ويستهزئون به، فلا شك أن هذا الشخص الذي يقبل لنفسه هذا الوضع الشائن فاقد المروءة، فاقد الشهامة، وأنه ضيع الكرامة التي أكرمه الله عز وجل بها في قوله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء:٧٠]، فهو يجعل نفسه حماراً أو حيواناً أو نحو ذلك.
الشافعي رضي الله عنه يقول: والله لو أعلم أن شرب الماء البارد يخرم مروءتي ما شربته! إن كان شرب الماء يقدح في مروءته ما شربه حفاظاً على مروءته وهيبته رضي الله عنه.
ولو فرض وجود ممثل مسلم، فإن قام بدور الملك الكافر أو القائد الكافر يلبس ملابسه ويجعل نفسه هو ذلك الكافر أو الراهب أو القسيس، وتراه يشد في وسطه الزنار، وينطق بما هو كفر حسبما تقتضيه الرواية، فلو مات على هذه الحالة فكيف سيكون أمره؟! لو مات وهو يسجد للمسيح، أو وهو واضع الصليب على صدره أو يسجد للأصنام كيف ستكون خاتمته؟! قال النبي عليه الصلاة والسلام:(يبعث المرء على ما مات عليه)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إنما الأعمال بالخواتيم) فبماذا يختم لهذا الشخص؟ وعلام يبعث يوم القيامة؟! (يبعث المرء على ما مات عليه) فهل يشفع له قوله: كنت أمزح وإنما كنا نخوض ونلعب؟! وماذا يحصل لو مثل عقبة بن أبي معيط وهو يضع السلا والقاذورات على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، أو يتلفظ بسب النبي عليه الصلاة والسلام أو التنفير عن الإسلام؟! فهل هناك إنسان عاقل أو مسلم عاقل يقبل مثل هذا الوضع؟! ومن يقبل أن يمثل دور فرعون ويقول:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤]، {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف:٥٢] ويسب موسى عليه السلام؟! فلا شك أن التمثيل يحتوي على هذه المنكرات التي تئول بصاحبها إلى الكفر، ومن ثم فظاهره أننا ننظر إليه أمامنا وهو راضٍ بهذا الكفر، والرضا بالكفر كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من حلف على يمين فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي فهو يهودي) فاليمين بمثل هذا من المهالك العظيمة والمخاطر العظيمة للإنسان الذي يتلفظ بهذه الألفاظ، فمن يقول: هو يهودي إن فعل كذا أو إن حصل كذا فهذه الصورة فيها تهاون بدينه، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من حلف على يمين فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي فهو يهودي، وإن قال: هو نصراني فهو نصراني، وإن قال: هو بريء من الإسلام، فهو بريء من الإسلام، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم.
قالوا: يا رسول الله! وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى) رواه أبو يعلى والحاكم وقالا: صحيح الإسناد.