يغرق المراهقون في خيالاتهم وأحلامهم، ويبالغون في تصور الحياة ومتاعها، ويضعون خططاً مثالية لها، ويجنحون إلى ذلك بسبب استعدادهم للتصور والتخيل، وأيضاً قلة الخبرة في الوقت نفسه، فقد يكتب المراهق الشعر، أو يكتب النثر، ويصور عواطفه وأحاسيسه، ويسطر خياله وسرحانه، فتحس منها العاطفة الجياشة، والحساسية المرهفة، بل وترى الجري وراء عاطفته، والثقة بها، والبناء عليها.
هذه الميزة لدى المراهقين: القابلية للإيحاء، والاستهواء، وسرعة الاستثارة، وهشاشة الانفعال، والفراغ النفسي المستعد للامتلاء، بعبارة أخرى: مثل هذه الغرابة في الانفعال والعاطفة يمكن أن توجه الوجهة السليمة، وأن تضبط عن طريق محيط تربوي شامل متزن؛ لتخرج الشاب القوي الطموح المنضبط المتعلق بالمثل العليا، والنماذج الرائعة في تاريخ أمته وحاضرها؛ فيتعلق بـ خالد بن الوليد بـ عمر بن الخطاب بـ أبي بكر الصديق بالصحابة بالتابعين بعلماء المسلمين بالمجاهدين في القديم والحديث.
هذه الطاقة إنما أودعها الله فيه ليخدم بها أمته ودينه، ويعز بها الإسلام في فترة العمل كما ذكرنا؛ ولذلك فإن من أراد تحطيم شباب المسلمين يبدأ معهم من هذه الفترة، كل عوامل التحطيم والاستهواء بما يصد عن سبيل الله سبحانه وتعالى كالفن والرياضة، وغير ذلك من الأشياء المعروفة، والعكس بالعكس كما ذكرنا.
إذاً: هذه الغزارة في الانفعال والعاطفة يمكن أن توجه الوجهة الصحيحة السليمة، وتضبط عن طريق محيط تربوي شامل متزن؛ لتخرج الشاب القوي الطموح المنضبط المتعلق بالمثل العليا، والنماذج الرائعة في تاريخ أمته وحاضرها.
ويمكن أيضاً أن تستثمر في تربية انفعالاته ووضعها في الاتجاه الصحيح، ليعرف المراهق كيف يرحم، ومتى يرحم، ولماذا؟ كيف يحب، ومتى يحب، ولماذا؟ كيف يعجب، ومتى يعجب ولماذا؟ وهكذا.
هذه الغزارة يمكن أن تمهد لبناء شاب ذي عواطف فياضة متفاعلة مع الحياة؛ متجهة للخير والإصلاح، مؤثرة في علاقاته بالأمة في شتى مستوياتها.