الدليل الرابع: أن حقيقة عقد بيع المواعدة بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل.
وهذه المسألة خلاصتها: أن هذا الرجل محتاج إلى خمسمائة حتى يشتري السلعة نقداً، لكنه عاجز أن يشتريها مباشرة، فماذا يفعل؟ يذهب للمصرف ويقول له: أعطني الخمسمائة لأشتري بها السلعة نقداً؛ لأن البائع مصر على بيعها نقداً، وسأسددها لك فيما بعد بخمسمائة وخمسين أو ستمائة مثلاً، فالصورة آلت إلى الربا أو تكاد! فخلاصة هذا العقد وحقيقته أنه بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل؛ لأنه أعطاك الخمسمائة مقابل أن تردها إلى أجل بزيادة، وبينهما سلعة محللة، وهذه حيلة من أجل أن تحلل فقط، مثل المحلل في الطلاق تماماً، فهو يعتبر حيلة على الإقراض بفائدة.
يقول ابن عبد البر رحمه الله تعالى: معناه أنه تحيل في بيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل، وبينهما سلعة محللة، مثال ذلك: أن يطلب رجل من رجل آخر سلعة يبيعها منه بنسيئة لأجل، وهو يعلم أنها ليست عنده، فيقول له: اشترها من مالكها بعشرة، وهو علي باثني عشر إلى أجل كذا، فهذا لا يجوز لما ذكرنا.
هذا كلام الإمام ابن عبد البر المالكي.
ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في بيع ما لم يقبض: إنه يكون قد باع دراهم بدراهم والطعام مرجى، وهذا الأثر متفق عليه.
وقال الخطابي: وهو غير جائز؛ لأنه بتقدير بيع ذهب بذهب، والطعام مؤجل، غائب غير حاضر.