وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة) والترة هي النقص، قال الله عز وجل في القرآن:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:٣٥] أي: لن ينقصكم، ومعنى التره في هذا الحديث: التبعة، وترت الرجل ترة أي: أنقصته نقصاً، ففي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، وما مشى أحد ممشى لا يذكر الله فيه إلا كانت عليه من الله ترة) أي: تَبِعة ونقص وحسرة يوم القيامة.
وقد أوجب بعض العلماء على الإنسان ألّا يجلس مجلساً إلا ويذكر الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وبعض الذين غرتهم الحياة الدنيا من الذين يقومون بالتدريس أو يجلسون في بعض المجالس التي يعقدونها في الجامعات، أو المحاضرات، أو غيرها يستكبرون عن هذا، أو يزدرون مثل هذه الأعمال العظيمة، فهذا عميد أدب الغرب دخل مرة من المرات محاضرته وهو يريد أن يستهزئ بهذه السنة الشريفة فقال لطلابه: أكثركم قد يضحك مني إذا بدأت محاضرتي كما يبدأ الشيوخ: بالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: أنا لا أفعل هذا، وما ذلك إلّا لأنه متمجن ومتحجر، وهو أيضاً محروم من هذا الأجر العظيم، ومستحق لهذه الحسرة التي توعده بها رسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
فمن السنة أن الإنسان إذا كان في مجلس ضيافة، أو يوجد ضيوف عنده في البيت، أو كان في مجلس مذاكرة، أو في محاضرة، أو في أي مجلس يجلسه؛ ألّا يخلو هذا المجلس من ذكر الله عز وجل، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد جاء في بعض الأحاديث الوعيد على ترك ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم:(من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، وما مشى أحد ممشى لا يذكر الله فيه إلا كانت عليه من الله ترة) ومعنى ذلك أنه يستحب أن تذكر الله في الطريق وأنت تمشي.
وفي رواية:(ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم ترة -أي: تبعة-، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم)، وخاتمة هذا الحديث تدل على وجوب ذلك؛ لأن الوعيد لا يقع إلا على ترك الواجب أو ارتكاب المحرم، فهنا ينذر النبي صلى الله عليه وسلم من جلس مجلساً ولم يذكر الله فيه، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه يكون يوم القيامة تحت المشيئة: إن شاء الله أن يعذبه عذبه، وإن شاء أن يغفر له غفر له، فهذا يدل على وجوب تعطير المجلس بذكر الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة)، أي: كأنهم كانوا مجتمعين على جيفة حمار منتنة، ويكون عليهم ذلك المجلس حسرة يوم القيامة.
وصح عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها)، فهذا هو الشيء الوحيد الذي يَتحسر عليه أهل الجنة؛ أنهم بعد أن يدخلوا الجنة يتحسرون على أي ساعة أو لحظة مرت بهم في الدنيا ولم يعمروها بذكر الله عز وجل.
وقال صلى الله عليه وسلم:(ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة).