وهناك موضوع مهم جداً في هذه المسألة، وهو كلمة:(الإسلام يحترم الأديان الأخرى).
فالإسلام لا يمكن أن يحترم الأديان الأخرى أبداً، الإسلام يحفظ لأهل الأديان حقوقهم التي شرعها الله سبحانه وتعالى، أما الاحترام فلو احترم الإسلام الأديان الأخرى لكان المعنى أن الإسلام يهدم نفسه حين يحترم الأديان التي تصفه بأنه باطل، والتي تدعو إلى الشرك، وهذا من التجاوز في التعبير، فالإسلام يحترم حقوق أهل الأديان الأخرى التي شرعها لهم الله سبحانه وتعالى.
يقول بعض الكاتبين -وهي مقالة في مجلة العصر-: أخبرني أحد العلماء قال: قرأت في سيرة صلاح الدين الأيوبي لـ ابن شداد أن ملك الإنجليز كتب رسالة لـ صلاح الدين فيها طلب الصليب، الذي يزعمون أن المسيح -والعياذ بالله- صلب عليه، وكان قد غنمه صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، فبعث ملك الإنجليز يخاطب صلاح الدين يقول له: وأما الصليب فهو خشبة عندكم.
أي: هو عندكم -معشر المسلمين- قطعة خشب ليس له قيمة.
يقول الملك: وأما الصليب فهو خشبة عندكم لا مقدار له، وهو عندنا عظيم، فليمن به السلطان علينا.
فأجابه صلاح الدين رحمه الله: وأما الصليب فهلاكه عندنا قربة عظيمة، لا يجوز لنا أن نفرط فيها إلا لمصلحة راجعة إلى الإسلام هي أوفى منها.
فما كان ذا قيمة تاريخية أو روحية أو عقدية عند أهل الشرك ليس بالضرورة أن يكون ذا قيمة لدى أهل التوحيد والإسلام، والعكس بالعكس، فالمسلم الفلسطيني الغارق في دمائه على يد علج يهودي هو في نظر قاتله لا يساوي الرصاصة التي رمي بها، رغم أن هدم بيت الله حجراً حجراً أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم كما جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
فصنم بوذا لدى المشركين البوذيين أو غيرهم هو أثر تاريخي وقيمة تراثية، لكن عند المسلمين لا يعدو أن يكون صنماً حجرياً عبده من دون الله من لا خلاق لهم في الآخرة، وحقه أن يفعل به ما فعل بإخوانه من قبل، فيضحى به على اسم الله، ويقال ما قاله أكرم البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يهدم الأصنام بيده:({جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء:٨١])، فإن اعترض معترض قلنا له ما قاله الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام:{فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ}[الأنبياء:٦٣] فلماذا لم يدفع عن نفسه البارود والمدافع ونحو هذه الأشياء؟!