لا شك أن صلاة الجماعة في المساجد من أوكد العبادات، وإقامتها في بيوت الله سبحانه وتعالى من أجل الطاعات، والمحافظة عليها في الحضر أو السفر من أعظم القربات، ولذلك وردت الأحاديث النبوية الصحيحة تترى مبينة ما أعد لشاهدها من أجر عظيم، وثواب جسيم، ونعيم مقيم، جاءت هذه الأحاديث تشحذ همم السالكين، فتبعث في نفوسهم روح العبادة واليقين، من هذه الأحاديث حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة) وهذا من آداب الخروج للمسجد، وهذه أكمل الأحوال، لئلا يكون الدافع وراء خروجك إلى المسجد أي شيء آخر غير الصلاة، وليس معنى هذا أن الإنسان إذا خرج ليصلي وليؤدي بعض الأشياء أنه آثم، لكن نقول: أكمل الأحوال أن تجرد نيتك لمحض التعبد، لما في بعض الروايات:(ما تنهزه إلا الصلاة)، يعني: ما يريد أن يذهب للمسجد ليقابل أحداً أو يقضي بعض الحاجات في الطريق، ولا لأي غرض آخر، بل يخرج تعظيماً لأمر الله، وتلبية لداعي الصلاة.
يقول صلى الله عليه وسلم:(وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة، تقول الملائكة: اللهم! صل عليه -وفي بعض الروايات-: اللهم! اغفر له، اللهم! ارحمه ما لم يحدث فيه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)، ومن طريق أخرى بلفظ:(ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث).
فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت.