قال ابن أبي الدنيا: حدثني رجل أنه ماتت له ابنة فأنزلها القبر، فذهب يصلح لبنة فإذا هي قد حولت عن القبلة، قال: فاغتممت لذلك غماً شديداً، فرأيتها في النوم فقالت: عامة من حولي من أهل القبور محولون عن القبلة قال: كأنها تريد الذين ماتوا على الكبائر.
وحكى القرطبي حادثة فقال: أخبرني صاحبنا الفقيه العالم أبو عبد الله محمد بن أحمد القصري رحمه الله أنه توفي بعض الولاة فحفر له، فلما فرغوا من الحفر وأرادوا أن يدخلوا الميت القبر إذا بحية سوداء داخل القبر، فهابوا أن يدخلوه فيه، فحفروا له قبراً آخر، فلما أرادوا أن يدخلوه إذا بتلك الحية فيه، فحفروا له قبراً آخر فإذا بتلك الحية، فلم يزالوا يحفرون له نحواً من ثلاثين قبراً وإذا بتلك الحية تتعرض لهم في القبر الذي يريدون أن يدفنوه فيه، فلما أعياهم ذلك، سألوا ما يصنعون؟ فقيل لهم: ادفنوه معها.
نسأل الله السلامة والستر في الدنيا والآخرة! أما ما ظهر من علامات بعد الدفن فقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى: حدثني صاحبنا أبو عبد الله محمد بن الرزيز الحراني أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال: فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور، فإذا بقبر منها وهو جمرة نار مثل كوز الزجاج والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني وأقول: أنائم أنا أم يقظان؟! ثم التفت إلى سور المدينة وقلت: والله ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش، فأتوني بطعام فلم أستطع أن آكل، ثم دخلت البلد فسألت عن صاحب القبر، فإذا به مكاس قد توفي ذلك اليوم.
المكاس هو: الذي يأخذ الضرائب أو قاطع الطريق.
وقال أبو محمد عبد الحق: حدثني الفقيه أبو الحكم بن برجان وكان من أهل العلم والعمل رحمه الله أنهم دفنوا ميتاً بقريتهم في شرق إشبيلية، فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدثون ودابة ترعى قريباً منهم، فإذا الدابة قد أقبلت مسرعة إلى القبر فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع، ثم ولت فارة، كذلك فعلت مرة بعد أخرى، قال أبو الحكم رحمه الله: فذكرت عذاب القبر وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم ليعذبون عذاباً تسمعه البهائم) والله عز وجل أعلم بما كان من أمر ذلك الميت! يقول: وحدثني رجل فقال: مات رجل في بلادنا اسمه محمد يزعم أنه مسلم، ولكنه كان لا يصلي ويتعامل بالربا، وأكثر من تبع جنازته من اليهود، فلما دفنوه وابتعدوا عن القبر مسافة عشرة أمتار تقريباً إذا بانفجار يحدث داخل القبر، ثم خرجت نار تتأجج من القبر فقلت له: هل شاهدت ذلك؟ قال: لا، ولكني لما سمعت بالذي حدث ذهبت إلى الذين حضروا المشهد فسألتهم عن ذلك، فكلهم حدثوني بهذا.
وحدثني أحد المغسلين فقال: دفنا ميتاً ذات مرة بعد صلاة العشاء، فلما نمت إذا برجل يأتيني في المنام ويصرخ في وجهي ويقول: قم أدرك الميت الذي دفنته فإنهم يسحبونه من القبر، فقمت فزعاً من نومي، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، ثم قمت وصليت ما كتب الله لي ثم عدت إلى فراشي، فعاد مرة أخرى، فقمت فزعاً ولم أستطع بعدها أن أنام، فلما أصبحت ذهبت إلى المقبرة ووقفت على قبر ذلك الميت، فإذا أثر سحب فوق القبر من رأس الميت إلى خارج القبر مسافة خمسة أمتار، والقبر على حاله لا يظهر عليه آثار حفر ولا غيره! نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونسأله سبحانه الستر في الدنيا والآخرة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.