الأمر الخامس والأخير الذي نستخلصه هو: أن هذه العقائد الأرضية والمحرفة هي التي تقبل التعدد، فيصح أن نسميها أديان، فنقول: الأديان الأرضية، والأديان الباطلة.
وقد سمى الله عز وجل الوثنية ديناً، فقال سبحانه وتعالى مخاطباً مشركي قريش:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:٦].
وليس المقصود منها إقرار الكفار على دينهم كما يفهم بعض الجهلة، وبعض الناس إذا أراد أن يفارق شخصاً فإنه يقول له: يا عم! لكم دينكم ولي دين!! والمقصود من قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ}[الكافرون:٦]، أي: الباطل الذي أنا بريء منه، {وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:٦]، أي: دين الحق، يعني: أنتم بريئون مما أعمل، وأنا برئ مما تعملون.
وقال سبحانه وتعالى أيضاً حاكياً عن فرعون:{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:٢٦]، فسمى ما كان عليه وقومه ديناً.
وكذلك قال سبحانه وتعالى في حق يوسف عليه السلام:{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}[يوسف:٧٦] يعني: في نظام وشريعة الملك، فسماه أيضاً ديناً، فكل منهج يوضع للناس كي يسلكونه، وينظم حياتهم وعقائدهم فإنه يسمى ديناً، فالاشتراكية دين، والناصرية دين، والوجودية دين، فكل مذهب يخالف دين الإسلام فهو دين، سواء كانت مذاهب نفسيه أو فكرية أو اقتصادية، فهذه أديان يدينون بها ويخضعون لها، وهذه المذاهب تخالف دين الإسلام في شموله ونقائه وخلقه.
فهذا ما تيسر اليوم من كلام في هذه القضية، وبهذا تقريباً نكون قد أنهينا الكلام في مسألة تاريخ الأديان وما يكتنفها من انحرافات في الفهم، وأهم النقاط التي ينبغي أن نلتفت إليها عند دراسة هذه القضية.