للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من وسائل علاج الحاسد لنفسه أن يصنف نفسه نقيض ما يقتضيه الحسد]

كذلك من أشق الأدوية التي يعالج بها الحاسد نفسه: أن يصنف نفسه نقيض ما يقتضيه الحسد، فإن كان الحسد يقتضي تمنيه زوال النعمة، وسعيه في ذلك لهتك الأستار، والغيبة والاحتيال بشتى الحيل حتى يزيل النعمة عن عباد الله، فأنفع الأدوية في ذلك أن يتطلب أو أن يكلف نفسه نقيض ما يقتضيه الحسد، وذلك بأن يتكلف مدح المحسود، ويتكلف أن يتواضع له، وأيضاً يحاول بأن يهدي إليه هدية، ويظهر السرور ما استطاع بنعمة الله على هذا العبد؛ وذلك لقوله سبحانه وتعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:٣٤ - ٣٥] وحكى الله عن بلقيس أنها قالت: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} [النمل:٣٥].

وليس المقصود أن هذا هو علاج المحسود لنفسه، وإنما المقصود الإشارة إلى أن الهدية مما يظهر التواءم؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (تهادوا تحابوا) فالهدية من الأساليب التي تذهب عنه هذا الداء.