[من جرائم التلفاز في حق المسلمين]
مما يؤسف له أيضاً أننا بين الحين والآخر نضطر إلى ضرب أمثلة حتى تتحرك النخوة في هذه العقول التي طارت منها النخوة، يحكي الأستاذ مروان كجك يقول: روى لي أخ كريم أنه زار أستاذه الجامعي في بيته، وكان هذا الأستاذ نصرانياً، فلاحظ الأخ أنه ليس لدى أستاذه تلفزيون، رجل يعبد المسيح، ويقول: إن الله ثالث ثلاثة فسأله: لماذا لا تضع تلفزيوناً في بيتك؟ فأجابه ذلك النصراني: أأنا مجنون حتى آتي إلى بيتي بمن يشاركني في تربية أبنائي؟! فالتلفزيون يعد الوالد الثالث الذي يحتل مرتبة في الأسرة تلي مرتبة الأب والأم، بل هي فوق مرتبة الأم والأب في بعض الأحيان، فهو ليس ضيفاً دائماً وإنما هو مشارك في مفعولية إعداد وتربية أبنائنا.
وقاضي فرنسي يعمل في ميدان الأحداث يقول: لا يخالجني أي تردد في أن لبعض الأفلام وخاصة الأفلام البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الأحداث المنحرفين.
وإننا لهذا لسنا بحاجة إلى البحث عن أسباب عميقة وراء السلوك الإجرامي عند هؤلاء الأطفال أو المراهقين، والمرأة الناجحة تصبح هي المرأة التي تتخذ المرأة التلفزيونية أسوة وقدوة لها، فلابد أن تعدل في شخصيتها، وفي طريقة كلامها، وفي ملابسها، حتى تتشبه بهذه المرأة التلفزيونية بقدر الإمكان، والبطلة دائماً تسكر، وتدخن، وتعربد، وتتبرج لكل غاد ورائح.
أيضاً تلقن هذه البرامج الأطفال والمراهقين فنون الغزل منذ نعومة أظفارهم، كيف يعشقون، كيف يكون لكل ولد بنت يمشي معها ويصاحبها ويدرس أخلاقها، وكل ما يجري من المفاسد المعروفة التي تفسد على المسلمين بيوتهم.
أيضاً يجعل المشاهير ممن يسمونهم نجوماً في عالم السينما والمسرح والرقص والملاهي الليلية يجعل هؤلاء هم المثل الأعلى، ويرسخ في أذهان الأجيال أن الراقصات والفنانات والممثلات ونجوم الكرة أهم بكثير من العلماء والشيوخ والدعاة والمدرسين والمهندسين والأطباء، ويكفي أن تلمح مظاهر الحداد لموت فنان أو فنانة وتقارنها بموت شيخ أو عالم أو داعية من دعاة الإسلام.
كنت مرة في مطار جدة فسمعت طفلاً صغيراً يصيح بكلمة ما فهمتها، وكأنه يقول: (لولاك) أو: (لولاك حبيبتي) فلفت نظري، ولما نزلت في مطار الإسكندرية سمعت أطفالاً آخرين في المطار يقولون نفس الشيء ونفس الكلمة، وأمشي في الشوارع أسمع الأطفال يرددونها، فسألت: ما معنى هذه الكلمة؟ قالوا: هذه أغنية مما يذاع ويشاع، والأطفال يرددونها ويترنمون بها.
ومن الجرائم الكبرى للتلفزيون تزوير التاريخ الإسلامي، وتشويه بعض الصحابة أو الفاتحين أو المجاهدين كـ هارون الرشيد، وإذا ذكر هارون الرشيد ذكرت معه الجواري والخمور والمعازف، مع أن هذا الخليفة العظيم كان غازياً حاجاً، يحج سنة ويجاهد في سبيل الله سنة، وهو الذي قال لـ نقفور ملك الروم لما غدر به فكتب إليه الجواب يقول فيه: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم: وصلني كتابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع يا ابن الكافرة.
وجهز له جيوشاً وأدبه تأديباً، تلك كانت عزة الإسلام، ولما رأى السحابة في السماء قال لها: أمطري أو لا تمطري فسيأتيني خراجك.
فحتى نبغض الخلافة الإسلامية ننظر إلى الأتراك العثمانيين على أنهم محتلون، وأن الأتراك هؤلاء هم الاستعمار العثماني، يبغضوننا في أمجادنا، وفي نفس الوقت يضخمون أمامنا فساق الشرق والغرب والمغنيين ولاعبي الكرة والفارغين والتافهين؛ لكي يضعوا الحواجز بيننا وبين أمجادنا التي أخرجت خير أمة أخرجت للناس.