[المتابعة بين الحج والعمرة]
ومن أسباب الرزق: المتابعة بين الحج والعمرة: ومعنى المتابعة أن يجعل أحدهما تابعاً للآخر وواقعاً عقبه، أي: إذا حججتم فاعتمروا وإذا اعتمرتم فحجوا، هذا معنى التتابع بين الحج وبين العمرة.
الإنسان الذي لا يلتفت إلى هذه الأسباب إيمانه ضعيف أو ناقص؛ لأن الذي يخبرنا بهذه الحقائق هو الوحي المعصوم، سواء في القرآن الكريم أم على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذه من بركات الوحي، فإن عقولنا لا تستقل لتوصلنا إليها، بل بعض هذه الأسباب قد يستغربها بعض الناس، فإنفاق المال في الحج والعمرة ينفي الفقر، هكذا يخبر الصادق صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والذي يخرج من ماله ويتصدق فقد فعل سبباً من أسباب سعة الرزق؛ لأنه هكذا أخبر من لا {يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٣ - ٤].
عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة).
الكير هو كير الحداد الذي ينفخ به النار، والظاهر أن المراد هنا نفخ النار.
وخبث الحديد والذهب والفضة هو الشوائب التي تكون في الحديد والذهب والفضة.
والحجة المبرورة هي التي وفيت أحكامها، فوقع الحج موافقاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، هذا معنى الحج المبرور.
فهنا يبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من ثمرات المتابعة بين الحج والعمرة نفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، ولذلك ترجم الإمام ابن حبان لهذا الحديث فقال: ذكر نفي الحج والعمرة الذنوب والفقر عن المسلمين بهما.
وقال الإمام الطيبي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنهما ينفيان الفقر والذنوب): إزالته للفقر كزيادة الصدقة للمال، أي: كما أن الصدقة تزيد المال ولا تنقصه، بل حلف النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك حينما قال: (ما نقصت صدقة من مال)، فكذلك النفقة التي تنفقها في الحج والعمرة تنفي عنك الفقر.
وروى الإمام النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد).