إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالقول الحسن فقال عز وجل:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الإسراء:٥٣]، ففي هذه الآية الأمر بإحسان الكلام، وأن ينطق الإنسان بالخير.
وقال تبارك وتعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[البقرة:٨٣]، فانتظمت هذه الآية بعمومها المسلم واليهودي والنصراني وغيرهم.
وعن عطاء في قوله:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[البقرة:٨٣] قال: للناس كلهم المشرك وغيره.
فحتى المشرك عليك أن تحسن خلقك وألفاظك معه.
وعن أبي سنان قال: قلت لـ سعيد بن جبير رحمه الله: المجوسي يوليني من نفسه ويسلم علي -أي: هو الذي يبدأني بالخير ويسلم علي- أفأرد عليه؟ فقال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن نحو من ذلك، فقال: لو قال لي فرعون خيراً لرددت عليه.
أي: لو قال لي فرعون الذي هو شر البشر في عصر موسى عليه السلام خيراً لرددت عليه خيراً مثله، فإن هذا هو أدب القرآن، كما قال تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء:٨٦].
ففرعون الذي كان شر الخلق في زمن موسى عليه السلام، ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى أرسل إليه نبيين كريمين وأمرهما باللين معه فقال عز وجل:{فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه:٤٤]، فإذا كان هذا مع فرعون، فكيف بغيره؟! وبعض الإخوة إذا أحسن خلقه مع الكافر يظن أنه مفرط في دينه، وأن هذا تنازل عن الإيمان وعن مقتضيات الإيمان، وهذا غير صحيح، فأنت لا تواليه بسبب كفره، بل أنت تعاديه وتبغضه، لكنك تعطيه حقه إذا كان قريباً أو جاراً أو إذا تعاملت معه؛ فحسن الخلق مع كل الناس مندوب إليه ومأمور به، وليس في ذلك ما يقدح في الدين.
وكان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يذم أحداً ولا يعيبه صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم:(وخالق الناس بخلق حسن).