للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خفاء الدليل الراجح مع قصد الحق]

أول ضابط من ضوابط الخلاف السائغ: خفاء الدليل الراجح مع قصد الحق، فالعالم قد يراجع المسألة وهو يريد الحق، لكن خفي عليه الدليل الواضح الذي يحسم المسألة، فهذا خلاف سائغ.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إذا كانت المسألة نصاً خفي على بعض المجتهدين، وتعذر عليهم علمه، ولو علم به أحدهم لوجب عليه اتباعه، ولكنه لما خفي عليه اتبع النص الآخر، وهو منسوخ أو مخصوص، وهو لم يعلم بالدليل المخصص أو الناسخ أو لم يصح عنده.

وهذا أغلب خلاف الأئمة رحمهم الله تعالى: الإمام الشافعي والإمام أحمد ومالك وأبو حنيفة وغيرهم، فلا يظن بواحد منهم أنه يتعمد مخالفة الدليل.

بعض الإخوة السلفيين في قرية، وكان بينهم وبين إمامهم خلاف قوي وقع بقدر الله سبحانه وتعالى، وفي أثناء الحوار اتضح أن الإخوة السلفيين هناك لا يريدون أبداً أن يصلوا خلف الإمام الحنفي، ويضيع أحدهم صلاة الجماعة ولا يصلي خلف إمام مذهبه حنفي! فلما تناقشنا معهم قال: لأن الحنفي يرد سنة الرسول عليه السلام! فهل يظن بمسلم أن يرد سنة الرسول عليه السلام؟! فهذا الضابط مهم جداً، فإن العلماء قطعاً يريدون الحق، نعم قد يخالف الحق، لكن هو لا يقصد ذلك ولا يتعمده أبداً.

فالشاهد أن أول الضوابط: خفاء الدليل الراجح مع قصد الحق، فهو يقصد الحق وقد يخالف الحق لا عن عمد، لكن عن عذر كخفاء هذا الدليل، أو عدم ظهوره إياه، أو عدم صحته عنده أو تأويله إياه.