[دعوى هدم المسلمين الأصنام المعبودة وتركهم تماثيل الآثار]
ومن مغالطات هؤلاء الكلمة التي يكررونها دائماً وكل حين، حيث يتكلمون عما عليه الناس باعتباره حجة، فيقولون: المسلمون دخلوا وما فعلوا، وكان المسلمون وما زالت هناك تماثيل إلخ.
وكان هناك مسجد بين تمثالين كبيرين في الأقصر، وأن ذلك المسجد هدم كان فيها فتن.
ونحن نقول: الذي هدم المسجد إنما هدمه لأنه قال: لا يجوز أن يقام مسجد أمام التمثالين.
ثم أعيد بعد ذلك تحديثه.
فهم يدندنون على أن المسلمين لم يمسوا الأصنام بسوء، وقد علم بالاستقراء أنّ هذا الكلام مزيف، وهذه دعوى زائفة وكذب وتضليل وخداع، فإذا كان العلماء لم يوافقوا الإمام مالكاً رحمه الله تعالى -وهو إمام دار الهجرة- في اعتبار أن عمل أهل المدينة حجة كحجة الإجماع، فكيف بغير أهل المدينة؟! فالمغالطة هنا أنهم يضحكون على الناس، والناس معظمهم عوام لا يفهمون، لكن المتخصصين لا ينطلي عليهم هذا الدجل؛ لأن الأدلة الشرعية لها ترتيب في القرآن، فهناك أدلة متفق عليها، وهناك أدلة مختلف في حجيتها، فالأدلة المتفق عليها أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ثم الأدلة المختلف عليها معروفة، وهي أدلة كثيرة.
وعمل الناس في الواقع ليس من ضمن الأدلة المختلف عليها، فلا أحد يستطيع أن يدعي أن الناس معصومون، والبدع كانت قد حصلت في أواخر عهد الصحابة، ونشأت بعد ذلك حركات كثيرة في الإسلام، فالناس غير معصومين.
ولقد عرضت أمام بعض الفقهاء الكبار في المدينة -أعني علماء التابعين- قضية معينة، فقال أحد الحاضرين: ليس على هذا عمل الناس.
فرد عليه أحد الأئمة فقال: أرأيت إن كثر الجهال حتى كانوا هم الحكام، أهم الحجة على السنة؟ فالحجة إنما هي في الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فإذا أردت أن تقيم دليلاً فاحصر نفسك في داخل الأدلة الشرعية، أو على الأقل هات الأدلة المختلف في حجيتها، ولكن لا تأت بدليل ليس هو من الأدلة الشرعية، فينبغي أن ننتبه إلى هذا، فالقول بأن الناس عملوا، وإن المسلمين أقروا هذه الأشياء وهي موجودة في بلادهم ولم يمسوها بسوء، لا يصح هنا؛ لأن المسلمين ليسوا معصومين كأفراد من الناس؟! فالحجة في إجماع المجتهدين.
وبعض أولئك وصل به الدجل إلى أن قال: حتى الإمام محمد عبده عندما زار صقلية ورأى هذه التماثيل النصرانية أشاد بها وقال: إنها ليست للعبادة.
فأنت تأتي برجل متأخر تقدمه على كلام الله وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام وكلام السلف الصالح والصحابة! فهذا نوع من الدجل فيه قصد تلبيس بالدليل الشرعي، والدليل الشرعي ليس كلام أي أحد كما يريدون أن يفعلوا، بل الدليل الشرعي إما الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، أما أن تتشبث بكلام الناس وأفعال الناس فهذا من الدجل في الحقيقة.