للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضمان الرزق من الله تعالى لعباده]

الحمد لله الذي أنار الحق وأبانه، وهدم الباطل وأزاله، والصلاة والسلام على رسوله محمد خير عابد وقانت، القائل: (لقد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فعن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت)، هذا الحديث رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وغيره، وحسنه الألباني.

يقول المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير: قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت)؛ لأن الله تعالى ضمنه له، وكما أن الله سبحانه وتعالى لا راد لقضائه إذا حضر الأجل ونفذ العمر، كذلك لا راد لرزقه، فإن رزق الله لا يرده كراهية كاره ولا يجره حرص حريص، ولكن سبق علم الله سبحانه وتعالى وقضاؤه وقدره بما كتب لكل نفس، سواء من الطعام أو من الشراب أو من النفس، ومن كل ما يرزقه الله سبحانه وتعالى.

وقد ضمن الله عز وجل هذا الرزق لعباده فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:٦]، ونحن نرى كيف يطمئن الناس إذا ضمنت لهم البنوك الأموال، وإذا حازوا الشيكات، وإذا رصدت لهم الأرصدة والضمانات الكافية، فيثقون بهذه الضمانات من لدن المخلوقين، وقد جاء هذا الضمان من الله سبحانه وتعالى فقال عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:٦]، وهذا من صيغ العموم، خاصة إذا دخلت عليها (من) (وما من دابة).

ثم لم يكتف الله سبحانه وتعالى بهذا الضمان الوارد في قوله: (إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) حتى أقسم فقال سبحانه وتعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات:٢٢ - ٢٣].