الأمور الكونية القدرية في أشراط الساعة التي أخبر الصادق المصدوق عنها حتماً ستقع كما أخبر عليه الصلاة والسلام، فهل نحن مكلفون بإيجاد أشراط الساعة؟ هل نحن مكلفون بإخراج المسيح الدجال أو طلوع الدابة أو طلوع الشمس من مغربها أو ظهور المهدي؟ هذه ليست في طاقتنا، نحن لم نكلف بهذا، لذلك الله سبحانه وتعالى جعل علامة المهدي الصادق أن يخسف بالجيش الذي يقصده، أما أن يؤتى برجل اسمه محمد بن عبد الله ويقال: إنه من قريش، فالله أعلم بصحة هذا، حتى وإن كان من قريش فليس شرطاً؛ لأنه يوجد آلاف الناس من أهل البيت ومن نسل الحسن رضي الله تعالى عنه، ولا يبعد أن يكون فيهم المئات اسمه محمد بن عبد الله، فوجود علامة من العلامات لا ينبغي الاعتماد عليها وحدها، فهؤلاء أتوا بالأحاديث التي في المهدي وكأنهم مسئولون عن إخراجها، فهذا الرجل الذي اسمه محمد بن عبد الله رفض أن يستجيب لهم في البداية، لكنهم ضغطوا عليه وقالوا: إن رفضك هذا دليل على أنك المهدي؛ لأنه يُخرج وهو كاره، وهذا من تلبيس إبليس فأكرهوه بالفعل على أن يخرج، ويقولون: يصلحه الله في ليلة، وهو مقلد للمذهب الحنبلي، ثم إن هؤلاء بايعوه بين الركن والمقام، فهل يعجز أحد أن يدبر هذه الأحداث؟ وهذا هو ما حصل بالفعل، أتوا وقت صلاة الفجر، وأغلقوا بوابات الحرم الشريف أثناء الصلاة، وأخرجوه، وأعلنوا: الله أكبر! ظهر المهدي، وبايعوه بين الركن والمقام، فقال الناس: هو المهدي؛ لأنه بويع بين الركن والمقام، فنقول: لا، هذه الأشياء يمكن تكلفها ويمكن اصطناعها مع غير المهدي، فلا يدل وقوعها على أنه المهدي، لتعوذه بطائفة في البيت كما في الحديث، وبيعته بين الركن والمقام، فهذا من الجائز عقلاً أن يقع بتدبير من البشر، كما أن المرائي المناميه يمكن أن تصدر عن حديث نفس أو وساوس شيطانية، أما الخسف بالجيش الذي يقصد المهدي فآية خارقة لا يمكن أن يدبرها إلا رب البشر سبحانه وتعالى، فهذه علامة على صدق المهدي، وتميزه عن غيره من الدجّالين أو المتأولين الذين يقعون فريسة لمكايد إبليس اللعين، فالحمدلله الذي لم يمتحنا بما تعيا العقول به.
وكان ينبغي -حتى تكتمل الفائدة- أن كل حادثة من حوادث ادعاء خروج المهدي أن تؤخذ بالتفصيل، وتُستخلص منها العِبر، وهذا مما يعطينا مناعة حتى لا نضل بعد ذلك، لكن أرجو أن يكون هذا له وقت فيما بعد، وقد سبق شيء من هذا، فقد ناقشنا من قبل قصة المهدي السوداني، والمهدي القحطاني، لكن حتى لا نبعد عن منهجنا أكثر من ذلك نرجو أن تكون هناك فرصه أخرى لمناقشة هذه الأشياء، وأهم شيء ألا تكذب الأحاديث الصحيحة، بل تعتقد بما فيها، لكن لا تنزلها على فلان بن فلان إلا إذا وقعت مطابقة لما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم، والسلامة -خاصة في هذا الزمان- لا يعدلها شيء.
موضوع المنامات اشتغل به كثير من الناس، وكذلك موضوع الخوض الكثير في الحرب التي تريد أن تشعلها إسرائيل، وأنه لم يبق إلا سنتان أو سنة ثم يحصل كذا وكذا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفي المسلمين شر اليهود وشر أوليائهم من أعداء الدين، وفي هذا عبرة وتذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.