وللمرء أن يلبس الإحرام قبل الميقات ولو في بيته، لكن ليس معنى ذلك أنه يصير محرماً، لأنه لا يكون محرماً إلا بالنية، فالإزار والرداء يلبسه الإنسان في أي حالة عادية، كذلك امتناعه عن محظورات الإحرام ليس إحراماً، فلابد من النية، فله أن يلبس الإحرام قبل الميقات ولو في بيته كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فهذا فيه تيسير على الذين يحجون بالطائرة، فلا يحتاجون إلى تغيير الملابس، ولبس الإزار والرداء فيها، فلا بأس أن يلبس في المطار الإزار والرداء، لكن لا يحرم إلا قبل أن يصل الميقات بيسير حتى لا يفوت الميقات وهم غير محرمين.
أيضاً المحرم بعدما يغتسل غسل الإحرام يدّهن ويتطيب في بدنه لا في ثوبه، وطيب الرجل في بدنه يكون في اللحية والرأس، لكن الرجل لا يضع الطيب في جبهته ووجنتيه هذا للنساء، أما الرجل فيضع الطيب في شعره وفي لحيته أو في بدنه عامة بأي طيب شاء له رائحة ولا لون له، أما النساء فطيبهن ما له لون ولا رائحة له، هذا كله قبل أن ينوي الإحرام.
فهو في الحقيقة سوف يستديم الطيب ولم يستأنف الطيب، لأنه بعد اغتسال غسل الإحرام يضع الطيب، ثم يحرم بعد قليل، فيبقى أثر الطيب بعد إحرامه؛ وهذا لا يعد محظوراً، لكن لو أنه مسح الطيب من رأسه ووضعه في أي موضع آخر، فإنه يعتبر قد ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام وعليه دم؛ لأنه بهذا النقل كأنه استأنف تطييب هذه المنطقة، لكنه لو سال بفعل العرق أو نحوه فلا بأس.
فاستبقاء أثر الطيب الذي وضعه وهو حلال قبل أن يحرم لا حرج فيه، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(كأني أرى وبيص الطيب في مفرقه صلى الله عليه وسلم وهو محرم) أي: كان يلمع طيب المسك في مفرقه وهو محرم، فدل على أن أثر الطيب يبقى، وكان هذا استدامة وليس استئنافاً للطيب، لكن متى ما أحرم يحرم عليه أن ينقل الطيب من موضع إلى موضع.