للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تكفير الجنود والقول بأن بلاد المسلمين بلاد كفر]

ومن مظاهر هذا الخلط: إطلاق القول بتكفير الجنود الذين في الجيش أو الشرطة، وبالتالي استحلال دمائهم، وبعضهم يتورع ويقول: أنا لا أكفر الجنود، لكن أكفر القادة.

ومن مظاهر هذا الخلط: إطلاق القول بأن بلاد المسلمين بلاد كفار، وقد ناقشناه من قبل حينما ناقشنا كتاب الغلو في الدين، وإن كنا سنحتاج إلى الرجوع إليه إن شاء الله باختصار.

قال بعضهم: إن بلاد المسلمين ديار كفار، ثم يأتي بكتب الفقه الحنفي بالذات، ويأخذ أحكام دار الكفر، ويطبقها على أوضاع بلادنا اليوم، مع أن موضوع تقسيم العالم إلى دار كفر ودار إسلام غير موجود في القرآن والسنة، وإنما اضطر العلماء في عصر الفتوحات إلى هذا التقسيم؛ كي ينظموا ويكيفوا العلاقة بين المسلمين وبين الأمم الكافرة، مثل ما يكاد يحصل من تعاملات، وارتحال بين البلدان، وتبادل الأسرى، فهذه الأحكام صيغت في وضع العزة والقهر والتمكين، حين كان المسلمون قاهرين للكفار في كل بقاع الأرض، فهذه الأحكام لها ارتباط وثيق جداً بموضوع الغلبة والعزة والقوة، ومن الخلط قيام البعض بأخذ الأحكام من الكتب، وتطبيقها على واقعنا بلا أدنى بصير.

ومن الملاحظات المهمة في هذا الباب -الذي سنتكلم فيه إن شاء الله تعالى-: تضرر القائمين في ساحة الدعوة من الأخطاء الصادرة من بعض مسالك الجماعات الأخرى، فنقول: إن شروط إنكار المنكر معروفة، ومن ضمن هذه الشروط: ألا يحصل ضرر متعد إلى من لا يوافقك على هذه الأعمال، فإن ساحة الدعوة مشتركة، وإذا استأثرت جماعة معينة بتصرف فإن آثاره تمتد إلى غيرها، ولا شك أن هذا يخالف الأصول والقواعد الفقهية المعروفة، وهذا سنزيده تفصيلاً إن شاء الله.