ومن خصائص العلمانيين أنها تختفي من كتاباتهم روح الورع والإيمان والإجلال لرسل الله، وبخاصة رسولنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم, فتشعر في كتاباتهم بعدم الإيمان بهذا الإسلام، بل وتشعر فيها باحتقار لهذا الدين, فيتكلمون عليه وكأنه عقيدة بدوية بشرية الأصل، وكأنه لم ينزل من السماء, فهذا الذي سماه أبوه أحمد بهاء الدين يقول في يوم من أيام العهد الناصري المظلم: لابد من مواجهة الدعوات الإسلامية في أيامنا مواجهة شجاعة بعيدة عن اللف والدوران، وإن الإسلام كغيره من الأديان يتضمن قيماً خلقية يمكن أن تستمد كنوع من وازع الضمير, أما ما جاء فيه من أحكام وتشريعات دنيوية فقد كانت من قبيل ضرب المثل، ومن باب تنظيم حياة كانت في مجتمع بدائي إلى حد كبير، ومن ثَم فهي لا تلزم عصرنا ومجتمعنا.
ومن غلو هؤلاء عدم تعظيمهم لله ولا لرسل الله عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام, فهذا مدير جماعة أسيوط الذي عُيَّن فيها قبل إنشائها وإسلامها، فكان يخطب في حضور عبد الناصر، فقال له: إن كان عيسى المسيح قد أحيا ميتاً أو اثنين أو ثلاثة فقد أحييت يا سيادة الرئيس مائة مليون عربي, وإذا كان موسى عليه السلام قد ضرب البحر بعصاه فشق فيه طريقاًَ يبساً، فقد صنعت بالسد العالي أكثر مما صنع موسى.
وفوراً رقي وزيراً للثقافة.
وكذلك مصطفى القياتي كان مدرساً بالأزهر في ثورة تسع عشرة, وكان يقول: إن سعداً أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام, وإن سعداً أتى بما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رسول الوطنية.
وهذا الرجل نفسه في إحدى المظاهرات في داخل الأزهر وضع الصليب في المحراب، وخطب فدعا الناس لصلاة ركعتين للصليب ولله بزعمه, فهذه هي العلمانية، وهذه جذورها.
من أجل ذلك فنحن لا نستغرب إذا وجدنا العلمانيين يصرخون إذا حوكم من يسفه أو يشتم الأنبياء كهذا الخبيث المجرم الذي لم نسمع اسمه، ولم نتعرف عليه إلا في صفحات الحوادث, وفي صفحات المجرمين، فهذا علاء حامد ألف كتاب (مسافة في عقل الرجل)، وسخر فيه من الإسلام، وسخر فيه من النبي عليه الصلاة والسلام، فيتصارخ العلمانيون ويتنادون دفاعاً عن حرية الرأي: يا لحرية الرأي! يا لحرية الكلمة! يا لحرية العقيدة! وحينما يطعنون في أنبياء الله، وفي كتبه، وفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا حرج في هذا، وهذه حرية, فهل يقوى العلمانيون على أن يوجهوا عشر معشار هذا الطعن إلى رئيس جمهورية، أو ملك دولة، أو إلى وزير؟ إنهم لا يجرءون على ذلك، وكما يقول الشاعر: يساق للسجن من سب الزعيم ومن سب الإله فإن الناس أحرار