للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيبة المسلم كأكل لحمه ميتاً

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل -يعني: انصرف- فوقع فيه رجل من بعده -أي: بعدما غادر المجلس اغتابه أحد الجالسين- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تخلل، فقال: ومم أتخلل وما أكلت لحماً؟) وتخليل الأسنان هو: إخراج الألياف التي تعلق ما بين الثنايا، فقال له النبي عليه السلام: (إنك أكلت لحم أخيك).

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه مر على بغل ميت فقال لبعض أصحابه: لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم.

فالغيبة ضيافة الفساق، والفساق هم الذين لا يبالون بحرمة الله سبحانه وتعالى، ولا يبالون أن يأكلوا لحوم الناس.

والمنكر قد شاع في المجتمع جداً وذاع، وقلَّ من ينكره، ونحن لا نكاد نبالي به، ولا نشعر، وقلوبنا لا تحس ناحيته بكراهية إلا من رحم الله، فحن محتاجون إلى تجديد العهد بهذه النصوص، وأن نعطي الأمور حجمها، فالأمر كما قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:١٥]، وكما قال تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:١٢]، فالغيبة ضيافة الفساق الذين لا يتقون الله سبحانه وتعالى، كما قال بعض السلف.

وعن إبراهيم بن أدهم رحمه الله: أنه أضاف ناساً، فلما قعدوا على الطعام جعلوا يتناولون رجلاً، فقال إبراهيم: إن الذين كانوا قبلنا كانوا يأكلون الخبز قبل اللحم، وأنتم بدأتم باللحم قبل الخبز.

يعني: بدأتم بلحم هذا المسلم الذي اغتبتموه قبل الخبز.

وعن موسى السيلاني أنه سأل سفيان الثوري رحمه الله تعالى فقال: يا أبا عبد الله! إن الله يبغض بيت اللحميين؟ يعني: يقول له: هل ربنا سبحانه وتعالى يبغض بيت اللحميين؟ يقصد: الناس الذين يأكلون لحماً كثيراً، فنسبهم إلى اللحم، فقال له سفيان: ليس هم الذين يأكلون اللحم، ولكنهم الذين يأكلون لحوم الناس.

فاللحميون هم الذين هم مغرمون بأكل لحوم الناس، لكن أن تأكل لحم البقر والغنم فهذا حلال لم يحرمه الله سبحانه وتعالى عليك مادمت تشكر نعمته، لكن المهم ألا تأكل لحوم الناس.