[الأدب الثالث: كراهة استقبال الشمس والقمر عند قضاء الحاجة]
ذكر العلماء في أحكام التخلي ومنهم الإمام ابن قدامة: أنه يكره للمرء أن يستقبل الشمس والقمر بفرجه؛ لما فيهما من نور الله تعالى، فإن استتر عنهما بشيء فلا بأس؛ لأنه لو استتر عن القبلة جاز فهاهنا أولى، ويكره أن يستقبل الريح؛ لئلا ترد عليه رُشاش البول فينجسه.
قوله: ويكره أن يستقبل الشمس والقمر بفرجه لما فيهما من نور الله تعالى، أخذوا هذا الحكم من حديث ضعيف، والكلام في استقبال القبلة لا ينبغي ربطه بمسألة استقبال الشمس والقمر، فلا يقال: لا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبر القبلة ولا يستقبلها؛ لأن هذا قد يكون فيه مشقة، ومما يوضح أن هذا الحكم غير صحيح معرفة الفرق بين استقبال القبلة وبين استقبال الشمس والقمر: الفرق الأول: أن دليل النهي عن استقبال القبلة عند التخلي صحيح مشهور، ودليل استقبال الشمس والقمر ضعيف بل باطل، ثم هذا النور مخلوق؛ لأنه انعكاس لضوء الشمس على سطح القمر.
والحكم بالاستحباب أو الكراهة يحتاج إلى دليل، ولا دليل في هذه المسألة.
الفرق الثاني: أنه يفرق في القبلة بين الصحراء والبنيان كما يأتي إن شاء الله، لكن لا فرق هنا.
الفرق الثالث: النهي في استقبال القبلة واستدبارها للتحريم، وهنا يقولون: إنه للتنزيه إذا صح الحديث، وهو لم يصح.
الفرق الرابع: أنه في القبلة يستوي الاستقبال والاستدبار، وهنا لا بأس بالاستدبار، وإنما كرهوا أن يستقبل الشمس والقمر.