هل هذا الموضوع يناسب دراسته في المسجد؟ لا شك طبعاً؛ لأن المسجد صار الآن هو الحصن الوحيد الذي يؤمن على التوجيه والتربية والتوعية، وقد توجد أماكن أخرى! ويوجد من المدرسين أناس أفاضل يراعون هذه الأشياء، ويتقون الله في توجيه الشباب وغير ذلك، لكن يبقى المسجد هو المنطلق؛ لأن الإسلام هو دين حياة وليس ديناً منعزلاً كالكنيسة، فهو دين يتعامل مع الحقائق كحقيقة، وهو حقيقة تتعامل مع الواقع وليس نظرية مثالية تتعامل مع الفروض والخيال.
وكل واحد منا أحد اثنين: إما أب عند هؤلاء الذين يوشكون أن يقتربوا من المراهقة، وإما أب عنده أولاد بالفعل دخلوا مرحلة المراهقة، وإما إخوة يعمرون المساجد -أغلبهم أيضاً من المراهقين- يحتاجون إلى أن يعرفوا ما لهم وما عليهم.
فالآباء يحتاجون إلى فهم طبيعة هذه المرحلة حتى يتوقوا الأخطار التي يمكن أن تنعكس انعكاساً خطيراً على مستقبل أبنائهم، ولا مانع في نفس الوقت من الاستفادة من الدراسات النفسية الحديثة، فالحكمة ضالة المؤمن يلتمسها أنى وجدها، ومعلوم أن الجزء الصحيح في علوم النفس وعلوم التربية هو ما يتوافق مع الإسلام، ولا حرج من الاستفادة من هذا المجال؛ لأن سنن الفطرة التي أودعها الله سبحانه وتعالى في المخلوقات واحدة لا تتغير، والعلوم والبحوث الحديثة قد تستكشف بعض الأمور المكنونة في هذه النفس الإنسانية، والله سبحانه وتعالى أشار إلى المراحل التي يمر بها الإنسان في قوله تبارك وتعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}[الروم:٥٤].