صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، فالخطأ صفة لازمة للبشر، لا ينجو منها أحد عدا الأنبياء المعصومين عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولو نجا من هذه الخصلة أحد لنجا منها خير البشر بعد الأنبياء وهم الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم، فبعض المبتدعة يرون أن الخطأ والإثم متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لكن أهل السنة والجماعة يرون أن المجتهد المخطئ مأجور غير مأزور؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما الصديقون والشهداء والصالحون فليسوا بمعصومين، وهذا في الذنوب المحققة، أما ما اجتهدوا فيه فتارة يصيبون وتارة يخطئون، فإذا اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران، وإذا اجتهدوا وأخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤهم مغفور لهم، وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين، فتارة يغلون فيهم ويقولون: إنهم معصومون -لأنهم لا يريدون أن يخطئوا الأئمة كما يفعل الرافضة- وتارة يجفون عنهم، ويقولون: إنهم باغون بالخطأ، وأهل العلم والإيمان لا يعصمون ولا يأثمون.
يقول الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: وإنما السيد من عدت سقطاته، وأخذت غلطاته، فهي الدنيا لا يكمل فيها شيء، فالشخص النبيل هو الذي تعد أخطاؤه، وتكون معدودة، فلا يوجد إنسان بدون خطأ: من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط يقول ابن القيم رحمه الله: وكيف ينجو من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً، ولكن من عدت غلطاته أقرب إلى الصلاح ممن عدت إصاباته.