مما يلفت النظر أن ماسنيون المستشرق الفرنسي الشهير الذي كان تابعاً لوزارة الخارجية الفرنسية أخذ تعريفاً عن الحركة السلفية بواسطة الإمام عبد الحميد بن باديس مؤسس جمعية العلماء في الجزائر، ثم حذر قومه في فرنسا مما سماه بحركة السلفيين المتشددين، وما هي في حقيقتها إلا انتفاضة إسلامية تبغي التخلص من نار الاستعمار الغربي، فلا شك أنه كان لهذه الحركة دور مشرف في المحافظة على أصالة الأمة الإسلامية؛ لأن المؤامرة كانت في الجزائر موجهة نحو الانتماء الإسلامي للجزائر، ونحو طمس اللغة العربية، فتصدت لذلك هذه الحركة السلفية، وحافظت على هذه الهوية حتى لا تتميع أو تهتز تحت ضربات الغزو الأجنبي، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ظهر فيها السلفيون بهذا المظهر، فقد قاموا بالدفاع عن الإسلام أيام الاشتباك العقلي مع خصوم الإسلام حينما نقل الفكر الغربي واليوناني، فانتقده السلفيون، ورفضوا هذا المنهج، وكان الأمر واضحاً في الدوائر السلفية أكثر من غيرهم.
ومن فضل الدعوة السلفية: المحافظة على التوحيد في جوهره النقي، فمنعت السلفية في كل العصور تردي العقيدة الدينية إلى صورة من صور الوثنية، كما هو معلوم ومشاهد.
ومفهوم السلفية -كمنهج في الإسلام- لا يعني جيلاً أو أجيالاً مضت كما يزعم بعض الكتاب ممن كتب عنهم، حيث زعم أن السلفية فترة زمنية محددة، وليست مذهباً بعينه، وهذا الكلام ممن لا يفقه معنى السلفية، فالسلفية ليس فيها بعد زمني، ولا تقتصر على جيل أو أجيال مضت، وإنما تتسع دائرة السلفية لتشمل الحاضر والمستقبل أيضاً؛ لأنها لا تتعلق بالعصور والزمن، ولكن باتباع الطريقة الواحدة الثابتة.