للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف المسلم من الهوية الإسلامية]

ماذا عن موقفنا الآن من الهوية الإسلامية؟ لا شك أن المسلمين لم يكتشفوا أنفسهم، ومن المؤلم جداً أن أعداءنا يكتشفوننا بطريقة أفضل منا، ويفهموننا أكثر مما نفهم نحن حقيقة موقعنا في هذا الوجود، وبلا شك أن عند معظم شباب العالم الإسلامي الآن أزمة هوية، وأزمة اختراق؛ لأنهم يجهلون هذه الهوية؛ لأنه تم غسيل عقولهم.

فمثلاً: هل يمكن أن ترى من يحمل الهوية الإسلامية ثم يفعل هذه الأشياء كالشاب الذي يعلق علم أمريكا في عنقه، أو في سيارته، ويتزين ويفخر بالعلم الأمريكي؟! فما الذي يمنعه -إذن- أن يعلق علم إسرائيل؟! وهكذا ترى من يتهافت على تقليد الغربيين في مظهرهم وفي مخبرهم، ومن المسلمين من يتخلون عن جنسية بلادهم الإسلامية بغير عذر ملجئ، ثم يفتخرون بأنهم فازوا بجنسية البلاد الكافرة، وللأسف الشديد! فهل هذا من المحافظة على الهوية الإسلامية؟ وكيف يتخلى طواعية عن جنسية إسلامية، ثم ينضوي تحت لواء كافر، ويقسم القسم للدفاع عن الدولة الكافرة في حالة تعرضها لاعتداء وهو منتسب للهوية الإسلامية؟! إن هذا ضلال مبين.

وبعض الإخوة الذين يذهبون إلى الخارج لزيارة أهاليهم ممن تلطخوا بالجنسية الكافرة يشتكون من سوء مقابلة أهلهم الذين يقولون: إن أهالينا عندما نذهب لزيارتهم يقولون: ما الذي جاء بكم إلى هنا؟ فأين الانتماء والهوية التي يحملها المتلطخون؟! مثل المذيع الذي يعمل بوقاً ينفخ فيه العدو الصائل على المسلمين لأجل حفنة دولارات أو جنيهات إسترلينية أو غير ذلك، فيذهب ويقبل أن يعمل مذيعاً بوقاً يستعملونه كآلة لمحاربة الإسلام وتوجيه حملات الحرب الباردة ضد المسلمين.

وأقبح ما يكون هو ضياع الهوية في الشخص الذي يعمل جاسوساً لأعداء أمته وأعداء دينه، وأن يبيع نفسه لأعداء وطنه المسلم من أجل تحصيل متاع زائل، وهذا من أزمة الهوية، بل إنك تجد أستاذاً في الجامعة يسبح بحمد الغرب صباح مساء، ولا يقبل أي نقد للغرب ولا لضياع الغرب، وهذا يعاني من أزمة هوية.

ومثل هذا مدعي الإسلام الذي يقبل الانتظام في جيوش الدولة الكافرة المحاربة للإسلام، فبعض الناس ينظم للجيش الأمريكي، ومثل هذا ليس عنده هوية، بل قد ضاعت هويته.

وهكذا كل ببغاء مقلد يلغي شخصيته، ويرى بعيون الآخرين، ويسمع بآذانهم، وباختصار فإنه يسحق ذاته ليكون جزءاً من هؤلاء الآخرين.

وهذا نموذج موجود الآن بكثرة وهو: أنه حتى في أدق الأشياء يقول لك بعض الناس: لا تعمل كذا، فإن الأجانب سيقولون علينا كذا! إنه شيء غريب جداً! وهكذا الناس الذي يحتفلون بالاحتلال الفرنسي لمصر! فإن فرنسا الآن لأول مرة تطلب رسمياً من مصر أن تحتفل بالحملة الفرنسية بقيادة نابليون على مصر! يا للمصيبة! وبعض الناس تحتفل، ولا يحتفل بالاحتلال إلا الخونة؛ إذ كيف يحتفلون باحتلال مصر؟! وبالحملة الفرنسية التي قتلت المسلمين، والتي دخلت الجامع الأزهر بالخيول، وحولوا الأزهر إلى إسطبل، فضلاً عن غير ذلك من المسالك التي فعلها نابليون!! ومع ذلك يأتي يوم يحتفل بهم! ونحن نعجب فإن مثل هذا اليوم يوضع في ضمن أسباب عداء الغازين المحتلين، أما الآن فصار يحصل احتفال بهذا الاحتلال؛ والله المستعان!